قال الشيخ عقيب هذه الرواية: أنه محمول على الاستحباب، لأنا قد بينا في رواية أبي الجارود جواز أن يسكن الإنسان دارا أوقفها مع من وقفها عليه، وأن ذلك ليس بمحظور (1). وهذا القول ممنوع.
مسألة: قال الشيخ في الخلاف: إذا انقلعت نخلة من بستان وقف أو انكسرت جاز بيعها، لأنه لا يمكن الانتفاع بهذه النخلة إلا على هذا الوجه (2).
وقال ابن إدريس: يمكن الانتفاع بهذه النخلة من غير بيعها، وهو أن يعمل جسرا أو زورقا إلى غير ذلك من المنافع مع بقاء عينها، والوقف لا يجوز بيعه (3).
وهذه المنازعة تجري مجرى النزاع اللفظي، لأن الشيخ فرض سلب منافعها على ما ذكره في دليله، وابن إدريس فرض لها منافع غير الثمرة.
إذا ثبت هذا فالشيخ لم ينص على مستحق الثمن، وابن الجنيد نبه عليه وقال: يشتري به ما يكون وقفا، وقال: والموقف رقيقا أو ما يبلغ حاله إلى زوال ما سبله من منفعته، فلا بأس ببيعه وإبدال مكانه بثمنه إن أمكن ذلك أو صرفه فيما كان تصرف فيه منفعته أو رد ثمنه على منافع ما بقي من أصل ما حبس معه إذا كان في ذلك الصلاح. وهو الأقوى عندي.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: نفقة العبد الوقف في كسبه إذا لم يشترط أو شرطها في الكسب، لأن الغرض بالوقف انتفاع الموقوف عليه، وإنما يمكن ذلك ببقاء عينه، وإنما تبقى عينه بالنفقة فيصير كأنه شرطها في كسبه (4).
والوجه عندي أنها على الموقوف عليه، لأنها تابعة للملك والوقف عنده مملوك للموقوف عليه.