وما قلناه مذهب ابن إدريس (1)، وهو المعتمد، لأنها منفعة فكان عليه عوضها، والنهي للكراهة.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا غصب عبدا فرده وهو أعور واختلفا فقال سيده: عور عندك وقال الغاصب: بل عندك فالقول قول الغاصب، لأنه غارم، فإن اختلفا في هذا والعبد قد مات ودفن فالقول قول سيده أنه ما كان أعور عنده، والفصل بينهما أنه إذا مات ودفن فالأصل السلامة حتى يعرف عيبا فكان القول قول السيد، وليس كذلك إذا كان حيا، لأن العور موجود مشاهد، فالظاهر أنه لم يزل حتى يعلم حدوثه عند الغاصب (2).
وقال ابن إدريس: فإن غصب عبدا فرده وهو أعور واختلفا فقال سيده:
عور عندك وقال الغاصب: بل عندك قدم قول الغاصب، لأنه غارم، وقال بعض أصحابنا: فإن اختلفا في هذا والعبد قد مات ودفن فالقول قول سيده أنه ما كان أعور، والذي يقوى عندي أن القول قول الغاصب،؟ لأنه غارم في المسألتين معا، والأصل براءة الذمة. وهذا الذي ذكره بعض أصحابنا تخريج من تخريجات المخالفين، والذي يقتضيه أصول المذهب ما ذكرناه (3).
والوجه أن نقول: إن كان السيد ادعى بعد موته ودفنه أنه عور عند الغاصب وادعى الغاصب أنه عور عند المالك فلا فرق بين المسألتين، وإن كان أنكره عوره مطلقا قدم قوله، وهو الظاهر من كلام الشيخ، فإنه قال: القول قول السيد أنه ما أعور، والأصل السلامة. ولأنه لولا ذلك لما بقي فرق بين الموت وعدمه.