والوجه عندي الضمان، لأنه نقل عن حرز إلى غيره في غير البلد فأوجب الضمان، كما لو كان بينهما مسافة. نعم لو اتصل البناء والعمران فالوجه ما قاله الشيخ.
وقد أشار ابن إدريس إلى ما قلناه حيث قال: لا يجوز السفر بها، سواء كانت المسافة قريبة أو بعيدة (1). بل والشيخ نفسه نص على ذلك في الخلاف (2).
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا قال: أودعتك على أن تحفظها في هذا الموضع لزمه حفظها فيه، فإن نقلها إلى مماثل لم يضمن، لأن صاحبها قد رضي بأن يكون في ذلك الموضع، وما يكون مثل ذلك الموضع، فصار كما لو استأجر أرضا ليزرعها طعاما فله أن يزرع [فيها] ما يكون ضرره مثل ضرر الطعام أو دونه، ولو قال: لا تخرجها منه فأخرجها لغير عذر إلى مثله فالأقوى الضمان، بخلاف الإطلاق، لأنه مع الإطلاق يحتمل أن يكون أراد ذلك الموضع بعينه ومثله وفوض إلى اجتهاده، بخلاف ما إذا قال لا تخرجها فإنه قطع اجتهاده (3).
والوجه عندي التسوية بين المسألتين، لأن الأمر بالشئ يستلزم النهي عن ضده، والأكوان متضادة، فأمره بالكون في موضع معين يستلزم النهي عن الكون في غير ذلك الموضع فتساويا.
مسألة: فرع الشيخ في المبسوط على الحكم الأول على مذهبه: إن الودعي لو ادعى النقل للحريق أو الغرق أو النهب فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة، لأن مثل ذلك لا يخفى. قال: وجملته أن كل موضع يدعي الحريق أو النهب أو الغرق فإنه لا يقبل قوله إلا بالبينة، وكل موضع يدعي السرقة أو الغصب أو يقول: