لأن ما بعد المدة غير مأذون له في إمساكها، ومن أمسك شيئا بغير إذن صاحبه وأمكنه الرد فلم يرد ضمن، وفي الناس من قال: لا يصير ضامنا، ولا يجب عليه الرد، ولا مؤونة الرد، وأكثر ما يلزمه أن يرفع يده عن البهيمة إذا أراد صاحبها أن يسترجعها، لأنها أمانة في يده، فلم يجب عليه ردها مثل الوديعة (1).
وقال ابن الجنيد: وأجرة حمل ما استؤجر ورده على صاحبه على المستأجر إلا أن يشترط ذلك، ولو عين مقدار الأجرة للحمل من جملة مال الإجارة وكان المؤجر أمينا فإن زادت كان على المستأجر، وإن نقصت كانت البقية له.
وقال ابن إدريس: الذي يقوى عندي أنه لا يصير ضامنا، ولا يجب عليه الرد إلا بعد مطالبة صاحبها بالرد، لأن هذه أمانة، فلا يجب ردها إلا بعد المطالبة - مثل الوديعة - لأن الأصل براءة الذمة، فمن شغلها بشئ يحتاج إلى دليل، وما ذكره شيخنا في نصرة مذهبه فبعيد، ويعارض بالرهن إذا قضى الراهن الدين ولم يطالب برد الرهن وهلك فلا خلاف إن المرتهن لا يكون ضامنا، وإن كان قال للمرتهن: " أمسك هذا الرهن إلى أن أسلم إليك حقك " فقد أذن له في إمساكه هذه المدة ولم يأذن فيما بعدها نطقا، بل بقي على أمانته وعلى ما كان أولا، وكذلك في مسألتنا (2). وفي ذلك عندي تردد.
مسألة: قال الشيخ في الخلاف: إذا استأجره لخياطة ثوب وقال: إن خطت اليوم فلك درهم وإن خطت في الغد فلك نصف درهم صح العقد فيهما، فإن خاطه في اليوم الأول كان له الدرهم، فإن خاطه في الغد كان له نصف درهم، لأن الأصل جواز ذلك، والمنع يحتاج إلى دليل، وقوله - عليه السلام -: