ثم إن الشيخ نقل استدلال الشافعي وهو ما رواه عن النبي - صلى الله عليه وآله - " أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها " فأوجب المهر. وأجاب: بأن هذا يتناول العقد دون الإكراه (1).
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا غصب شيئا بمصر فلقيه بمكة فطالبه به فإن كان لنقله مؤونة فإن اتفقت القيمتان في البلدين كان له المطالبة بالمثل، لأنه لا ضرر عليه، وإن اختلفا فالحكم فيما له مثل وفيما لا مثل له واحد فللمغصوب منه أن يأخذ من الغاصب بمكة قيمته بمصر، أو يدع حتى يستوفي ذلك منه بمصر، لأن في النقل مؤونة والقيمة مختلفة، وكذا القرض. وأما السلم فليس له أن يطالبه بمكة، لأن عليه توفية المال في مكان العقد، ولا له مطالبته بالبدل، سواء كان لنقله مؤونة أو لا، وإن اتفقا عليه لم يجز، لأن أخذ البدل عن السلم في الذمة لا يجوز، لقوله - عليه السلام -: " من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره " (2) وتبعه ابن البراج (3).
وقال ابن إدريس: له مطالبة الغاصب بالمثل أين كان، وإن اختلفت القيمتان وإن لم يكن له مثل فله مطالبته بقيمته يوم الغصب دون يوم المطالبة إذا تلف في يوم غصبه، فإن بقي في يده فعليه أكثر القيم إلى يوم الهلاك، فأما ما له مثل فعليه مثله يوم المطالبة، تغيرت الأسعار أو لا، فإن أعوز المثل فالقيمة يوم الإقباض. وهذا تحقيق القول والذي يقتضيه أصول المذهب، وقد ذكر شيخنا في مبسوطه تفاصيل مذهب المخالفين، ونقله ابن البراج في تصنيفه على