البحث الخامس: في الأحكام.
مسألة 222: قال الشيخ في الخلاف: يكره لمن صلى على جنازة أن يصلي عليها ثانيا (1) - وبه قال أبو حنيفة، وهو أحد وجهي الشافعي (2) - لأن المراد المبادرة. وفي الوجه الآخر: يجوز - وبه قال أحمد (3) - لأن عليا عليه السلام كرر الصلاة على سهل بن حنيف (4)، وليس حجة لأنه عليه السلام كررها إما لتعظيمه وإظهار شرفه أو ليصلي عليه من لم يصل.
أما من لم يصل على الميت فهل يكره له الصلاة عليه بعد أن صلى عليه غيره؟ الأقرب ذلك - وبه قال النخعي، ومالك، وأبو حنيفة (5) - لمنافاته المبادرة المطلوبة، ولسقوط الفرض بالصلاة الأولى، فالثانية تطوع، والصلاة على الميت لا يتطوع بها، ولهذا إن من صلى لا يكررها.
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة ثم جاءه قوم فقالوا: فاتتنا الصلاة. فقال:
إن الجنازة لا يصلى عليها مرتين، ادعوا له وقولوا خيرا " (6).
وقال بعض علمائنا: من فاتته الصلاة على الجنازة فله أن يصلي عليها ما لم تدفن، فإن دفنت فله أن يصلي على القبر يوما وليلة، أو ثلاثة أيام (7)