ويحتسب ثواب الله ويحمده لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (إذا قبض ولد المؤمن - والله أعلم بما قال العبد - فيسأل الملائكة قبضتم ولد فلان المؤمن؟ فيقولون: نعم ربنا، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك ربنا واسترجع، فيقول عز وجل: إبنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد) (1).
مسألة 262: والبكاء جائز إجماعا، وليس بمكروه قبل خروج الروح ولا بعدها عندنا - وبه قال أحمد (2) - لأن النبي صلى الله عليه وآله قبل عثمان بن مظعون وهو ميت ورفع رأسه وعيناه تهراقان (3). ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام: " إن النبي صلى الله عليه وآله حين جاءته وفاة جعفر ابن أبي طالب وزيد بن حارثة، كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جدا، وقال: كانا يحدثاني ويؤنساني فذهبا جميعا " (4).
وقال الشافعي: إنه مباح إلى أن تخرج الروح، فإذا خرجت كره (5)، لأن النبي صلى الله عليه وآله جاء إلى عبد الله بن ثابت يعوده، فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: (غلبنا عليك يا أبا الربيع) فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: (دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية) (6) يعني إذا مات.