فإن تصدق على من لم يدرك من ولده فهو جائز، لأن الوالد هو الذي يلي أمره وقال: لا يرجع في الصدقة إذا تصدق بها ابتغاء وجه الله.
وبهذه الرواية استدل الأصحاب (رضوان الله عليهم) على أن موت الواقف قبل الاقباض مبطل للوقف، وموجب لرجوعه ميراثا " حيث أنهم فهموا من الصدقة هنا الوقف.
واعترضهم في المسالك فقال: وقد فهم الأصحاب من الحديث أن المراد بالصدقة الوقف، واستدلوا به على ما ذكرناه، مع احتمال أن يريد بالصدقة معناه الخاص، فلا يكون دليلا "، ويؤيده قوله في آخر الحديث، " وقال: لا يرجع في الصدقة إذا تصدق بها ابتغاء وجه الله تعالى " فإن الحكم من خواص الصدقة الخاصة، لا الوقف.
أقول: قوله فإن الحكم من خواص الصدقة إلى آخره محل بحث سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، وقال في المسالك: والظاهر أن موت الموقوف عليه، قبل القبض كموت الواقف، لأن ذلك هو شأن العقد الجائز فضلا عن الذي لم يتم ملكه ولكنهم اقتصروا على المروي، ويحتمل هنا قيام البطن الثاني مقامه في القبض ويفرق بينهما بأن يموت الواقف ينتقل ماله إلى وارثه وذلك يقتضي البطلان كما لو نقله في حياته، بخلاف موت الموقوف عليه، فإن المال بحاله ولم ينتقل إلى غيره، لعدم تمامية الملك، وفي التحرير توقف في صحته إذا قبض البطن الثاني ولم يذكره في غيره ولا غيره، انتهى.
وفيه أن المفهوم من الأخبار المتقدمة والمتبادر من اطلاق القبض إنما هو بالنسبة إلى البطن الأول، وهو الموقوف عليه أولا "، فإن قوله في صحيحة صفوان المذكورة " وإن كإن لم يسلمها إليهم فله أن يرجع " وقوله في الرواية الثانية " وكلما لم يسلم فصاحبه بالخيار " ظاهر في أن القبض الموجب للزوم إنما هو بالنسبة إلى الموقوف عليه أولا "، وإلا فإنه متى لم يقبض فالواقف بالخيار، إن شاء