قال المحقق في الشرايع وفي وقف من بلغ عشرا تردد، والمروي جواز صدقته، والأولى المنع، لتوقف رفع الحجر على البلوغ والرشد، وقال في المسالك بعد ايراد رواية زرارة وقريب منها رواية سماعة: ومثل هذه الأخبار الشاذة المخالفة لأصول المذهب، بل واجماع المسلمين لا تصلح لتأسيس هذا الحكم.
أقول: يمكن أن يقال: إن ما دل على الحجر قبل البلوغ والرشد وهو المشار إليه في كلامه في المسالك بأصول المذهب مخصص بهذه الأخبار التي ذكرناها، ونحوها غيرها مما ورد في الوصية، كرواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله (1) (قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: (وإذا بلغ عشر سنين جازت وصيته) وفي معناها روايات عديدة في الوصية، ونسبة جميع هذه الروايات إلى الشذوذ بعيدا جدا.
نعم لو كانت المخالفة منحصرة فيما نقله من الروايات لأمكن ما ذكره، إلا أنك قد عرفت كثرة الأخبار بما يوجب الخروج عن تلك الأصول المذكورة فيجب التخصيص، ولو أنه ناقش بعدم صراحة الرواية في الوقف كما هو المدعى كان كلامه أقرب إلى القبول، إلا أنك قد عرفت أن اطلاق الصدقة على الوقف شايع، ذايع في الأخبار، بل هو الأصل في الاطلاق، وإنما الاطلاق على ما ذكروه مستحدث وبما ذكرنا تظهر قوة ما ذهب إليه الشيخ وأتباعه في هذه المسألة، والله العالم.
وثانيهما أنه صرح الأصحاب من غير خلاف يعرف بأنه يجوز للواقف أن يجعل النظر لنفسه في الوقف ولغيره أيضا، ولو لم يعين كان النظر إلى الواقف، أو الموقوف عليه إن قلنا بانتقال الملك إليه، وإلا فإلى الحاكم الشرعي، والذي تدل على الأول الأخبار الدالة على وجوب الوفاء بالشروط إلا ما حلل حراما أو حرم حلالا (2) (وعلى الثاني مضافا إلى عموم ما دل على وجوب الوفاء