وذهب جمع ومنهم المحقق والعلامة في غير الكتابين المذكورين إلى افتقارهما إلى القرينة، لاشتراكهما في الاستعمال بينه وبين غيره، والمشترك لا يدل على شئ من الخصوصيات من حيث هو، ولأصالة بقاء الملك إلى أن يحصل الناقل الشرعي، وهو غير معلوم.
وأما أقول المتقدمين من الأصحاب في المقام فمنها قول الشيخ في الخلاف، قال: إذا تلفظ بالوقف فقال: وقفت أو حبست أو تصدقت، أو سبلت وقبض الموقوف عليه أو من يتولى عنه لزم الوقف.
وهذا الكلام كما ترى يعطي صحة الوقف بأي هذه الألفاظ من غير توقف على قرينة، مع أنه قد ادعي الاجماع على الاختصاص بلفظ الوقف، والاجماع على العدم مع عدم القرينة في لفظ تصدقت وحرمت، كما قدمنا ذكره، وقال في الخلاف أيضا ": ألفاظ الوقف التي يحكم بصريحها قوله، وقفت وحبست وسبلت وما عداها يعلم بدليل، وباقراره أنه أراد به الوقف، وذلك كقوله تصدقت وحرمت وأبدت وبذلك قال ابن زهرة، وقطب الدين الكيد ري.
وقال في المبسوط: الذي يقوي في نفسي أن صريح الوقف قوله واحد، وهو وقفت لا غير، وبه يحكم بالوقف فأما غيره من الألفاظ فلا يحكم به إلا بدليل، وهو قول ابن إدريس قال: لأن الاجماع منعقد على أن ذلك الصريح في الوقف، وليس كذلك ما عداه.
قال في المختلف بعد نقل هذه الأقوال: والوجه ما قاله الشيخ في المبسوط، لنا أصالة بقاء الملك على صاحبه، وعدم خروجه عنه إلا بوجه شرعي ولا عرف شرعي هنا سوى صريح الوقف، لاشتراك البواقي بينه وبين غيره، والموضوع للقدر المشترك لا دلالة له على شئ من الخصوصيات بشئ من الدلالات نعم إذا انضم القرائن صار كالصريح في صحة الوقف به.
بقي الكلام هنا في أمور: الأول: لو نوى الوقف فيما يفتقر إلى القرينة