صحتها باصطلاحهم من غير معرض لها في البين، فإنه يجب تخصيص الأصول التي ذكرها بهذه الأخبار، إذ ما من عام إلا وقد خص، ولم يبق حينئذ إلا مجرد الاستبعاد العقلي الذي فرضه، وهو غير مسموع في مقابلة الأخبار، سيما مع صحتها وتكاثرها، ووضوح دلالتها كما فصلناه، والله العالم.
الحاق:
قال الصدوق: إذا دعى الرجل ابنه إلى قبول وصيته فليس له أن يأبى وإذا أوصى رجل إلى فليس له أن يأبى إن كان حيث لا يجد غيره، وإذا أوصى رجل إلى رجل وهو غائب عنه، فليس له أن يمتنع من قبول وصيته.
أقول: أما الحكم الأول فيدل عليه ما رواه المشايخ الثلاثة (نور الله تعالى مراقدهم) عن علي بن الريان (1) " قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام رجل دعاه والده إلى قبول وصيته هل له أن يتمنع من قبول وصيته؟ فوقع عليه السلام: ليس له أن يمتنع ".
وأما الثاني فالظاهر أن الدليل عليه ما رواه المشايخ الثلاثة أيضا " في الصحيح أو الحسن عن هشام بن سالم (2) " عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يوصي إلى الرجل بوصية فأبى أن يقبلها؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام لا يخذله على هذه الحال ".
وظاهره (قدس سره) حمل الخبر على وجوب القبول، ولذا قيده بأن لا يجد غيره، وفيه تأييد لما ذكرناه ردا " على شيخنا المتقدم ذكره، وينبغي تقييد كلامه بما قيدت به الأخبار المتقدمة من موت الموصي بعد الوصية والعلامة في المختلف حمل القبول في الأولين أولا على شدة الاستحباب، ثم قال: على أن امتناع الولد نوع عقوق، ومن لا يوجد غيره يتعين عليه، لأنه فرض كفاية، وبالجملة فأصحابنا