أقول وبالله التوفيق، لنيل كل مأمول: لا ريب أن ظواهر الأخبار الواردة في هذا المقام إنما هو الملك الحقيقي لما ذكره من التصرف بجميع وجوه التصرفات من وطئ وبيع وتصدق وهبة ونحوها، ولا شك أن التصرف كيف شاء المتصرف من أقوى أمارات الملك، ودعوى أصالة عدم اللزوم في التحقيق لا يخرج عن القول بالإباحة، بل يرجع إليه، لأنه متى لم يكن الاهداء لازما " يوجب الملك كسائر المتملكات، بل يجوز الرجوع فيه فهذا هو عين ما منعه من الإباحة ونفاه في المقام، وإن حصل الفرق بنوع من الاعتبار القشري الذي لا يصلح لترتب حكم شرعي، وما المانع من كون الاهداء من الأسباب الناقلة للملك إذا اقتضته الأخبار كما عرفت، ولا بد لنفيه من دليل.
وأما عدم تحقق عقد يجب الوفاء به، ففيه ما عرفت في غير موضع مما تقدم من أن هذه العقود التي اشترطوها واشترطوا فيها ما اشترطوه مما لم يقم عليه دليل، بل الدليل على خلافه واحض السبل، فإن المفهوم من الأخبار أن المدار على التراضي من الطرفين، وأنه العمدة في البين، وقد عرفت أن بيع المعاطاة أيضا " لا يشترط فيه أزيد من رضا الطرفين بما يتفقان عليه، فجعله من باب المعاطاة كما احتمله يقتضي بناء على ما حققنا في بيع المعاطاة، من أنه شرعي لازم أنه هنا كذلك، ودعوى أن مفاده الملك المتزلزل ممنوعة، حتى أذن بعد المحدثين جوز في المعاطاة أن يزن لنفسه، ويضع الثمن في الدكان إذا كان ذلك معلوما " بأن قيمة ذلك الجنس كذلك، من غير لفظ ولا كلام بين المتبايعين، وما نحن فيه لا يقصر عن ذلك، فإنه متى أرسل المهدي الهدية بقصده واختياره، وقبضها المهدى إليه فأي مانع من لزوم ذلك، كما لزم بيع المعاطاة على الوجه المذكور.
وكيف كان فكلامه جيد بناء على أصولهم وقواعدهم في العقود، وأما على ما هو المفهوم من الأخبار كما تقدم في غير مقام فإن ما ذكرنا أجود.
وبالجملة فإن من الظاهر البين الظهور أن النبي (صلى الله عليه وآله)