ويستدلون به على مطالبهم، ويستنبطون به أحكامهم ولم يكن لهذا العلم رواج في الأحكام بين أصحاب الأئمة عليهم السلام من الشيعة، لاستغنائهم بالسؤال من أئمتهم في جملة أحكامهم ولو كان هذا العلم كما يدعيه من سماه بعلم الأصول أصل أصيل في الأحكام الشرعية كيف غفل الأئمة عليهم السلام عن تعليمه للشيعة في زمانهم، ونشره لهم حيث أنه لم يبق نقير ولا قطمير من الأحكام والسنن والآداب وجميع ما يمر بالإنسان ويعرض له إلا خرجت به الأخبار، وتكاثرت به من أكله وشربه ونومه، ويقظته، وتزويجه ونكاحه، وسفره ولبس الثياب وضرب الخلا ونحو ذلك، فكيف ينبهون على هذه الأمور ويتركون أهم الأشياء وأشدها حاجة، وهي الأصول التي يبنى عليها الأحكام الشرعية، وتستنبط منها، ما هذا إلا عجب عجاب عند ذوي الألباب وذيل الكلام واسع في الباب، يوجب التعويل به لخروج موضوع الكتاب، والله سبحانه العالم.
وثالثا: أنه ما ذكره من الفورية في الزكاة والخمس والمال الموصى به للفقراء ونحوم ذلك لا أعرف عليه دليلا، إذ ليس إلا مجرد الأمر بالاخراج والأمر لا يستلزم الفور، كما هو المشهور بين محققيهم، على أنه قد دلت الأخبار على تأخير الزكاة الشهر والشهرين، وفي بعض الأخبار (1) قيد ذلك بعزلها واثباتها، وقد ورد جواز حمل الخمس إلى الإمام (2) من البلدان البعيدة مع وجود المستحق، وكل ذلك ينافي الفورية.
الثاني: أن ما ذكر من أن له الامتناع حتى يشهد له صاحب الحق بالقبض أحد القولين في المسألة، وقيل: بالتفصيل بأنه إن كان مما يقبل قول الدافع فيه، ولا يتوجه عليه ضرر، بترك الاشهاد كالوديعة، وشبهها، فليس له الامتناع، وإلا فله الامتناع إلى الاشهاد، كالدين والغصب ونحوهما وربما قيل بتفصيل آخر أيضا " بالنسبة إلى هذا القسم الأخير، بأنه إن كان هناك بينة بالحق فله الامتناع