قصد ولا إرادة، بل ربما تعلق القصد والإرادة بغيره، هل يكون كافيا " في الصحة أم لا؟ الظاهر من تتبع النصوص ذلك، سواء كان في العبادات أو المعاملات، ومنه ما ذكره من مثال من باع مال غيره فظهر شراء كيله له، بمعنى أنه ظهر أن بيعه قد صادف الصحة بحسب الواقع، وإن كان بحسب الظاهر غير صحيح، فإنه لا اشكال في صحته، ولهذا الباب في العبادات التي لا ريب في أن الأمر فيها من المعاملات أشكل وأصعب أمثلة كثيرة، وناقش بعض فضلاء متأخري المتأخرين في الاكتفاء بموافقة الواقع اتفاقا " إذا لم يكن مقصودا "، وقد تقدم الكلام معه في كتاب الصلاة في مسألة من صلى في غير الوقت جاهلا (1) ولو تم ما توهمه من أن الاتفاق الخارج لا مدخل له في الأحكام الشرعية على الاطلاق كما زعمه، لما أجاز الصوم آخر يوم من شعبان عن شهر رمضان متى ظهر كونه منه بعد ذلك، ويسقط القضاء عمق أفطر يوما " من شهر رمضان لعدم الرؤية في البلاد المتقاربة أو مطلقا " على الخلاف في ذلك، ويوجب الحد على من زنى بامرأة ثم ظهر كونها زوجته، ويصح شراء من اشترى شيئا " من يد أحد المسلمين ثم ظهر كونه غصبا "، ويوجب القضاء والكفارة على من أفطر يوما " من شهر رمضان في الظاهر ثم ظهر كونه من شوال، ويوجب القود أو الدية على من قتل شخصا " عدوانا بحسب الظاهر، ثم ظهر كونه ممن له قتله قودا "، ويوجب العوض علي من غصب مالا " وتصرف فيه ثم ظهر كونه له، إلى غير ذلك من المواضع التي يقف عليها المتتبع، واللازم أن يكون كلها باطلة اتفافا "، وليس ذلك إلا من حيث الاكتفاء بمطابقة الواقع وإن لم يكن مقصودا "، وما نحن فيه من قبيل ذلك، وبذلك يظهر لك أن ما أطال به الكلام شيخنا المتقدم ذكره في المسالك بالنسبة إلى القصد في البيع وعدمه، كله تطويل بغير طائل، والحق في المقام هو ما حققناه.
ثم ما ادعاه من الاجماع على صحة البيع لو كانت الهبة فاسدة كما