ففيه أنه قد صرح أولا " بأن الإيجاب عبارة عن كل لفظ يدل على الرضا بتصرف الغير له، وهو كل لفظ يدل على الإذن، وقال: أخيرا " في تعليل صحة القبول الفعلي، ولأنه إذن في التصرف، فجاز القبول بالفعل، وتقدم في كلامه السابق عد الآية، وهي قوله عز وجل (1) " اذهبوا بقميصي " وقوله تعالى (2) " فابعثوا أحدكم بورقكم " عن باب الوكالة، وقال أيضا " بعد هذا الكلام الذي نقلناه وقد وكل النبي (صلى الله عليه وآله) عروة البارقي (3) في شراء شاة بلفظ الشراء، يعني اشتر، وهو مثل لفظ بع الذي منع منه هنا، وقال: قال الله تعالى مخبرا " عن أهل الكهف، ثم ذكر الآية ثم قال: دل على الإذن فجرى مجرى قوله وكلتك، ومقتضى ذلك كون المثالين المذكورين، وقوله أذنت لك كذلك.
وبالجملة فإن المستفاد من كلامهم هو سعة الدائرة، في هذا العقد زيادة على غيره من العقود من حيث أنه من العقود الجائزة، فلا يختص بألفاظ مخصوصة، بل يكفي كل ما دل على على الرضا بالاستنابة.
قال في المسالك: لما كان عقد الوكالة من العقود الجائزة صح بكل لفظ يدل على الاستنابة وإن لم يكن على نهج الألفاظ المعتبرة في العقود، وينبه عليه قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعروة البارقي " اشتر لنا شاة " وقوله تعالى حكاية عن أهل الكهف (4) " فليأتكم برزق منه " ومنه بع، واشتر، واعتق، وأذنت لك في كذا، ونعم، عقيب الاستفهام التقريري، كوكلتني في كذا، بأنها نائبة مناب وكلتك، وكذا الإشارة الدالة على المراد الواقعة جوابا، فإنها وإن لم تفد جوابا " صريحا " ولم يحصل النطق به، إلا أنه بمنزلته في الدلالة، فيكفي فيه التوسع في مثل هذا العقد، انتهى وهو جيد.