بقي هنا شئ وهو ظاهر عبارة الخلاف وجود الرواية بالانعزال بمجرد العزل، كما ذهب إليه في القواعد، حيث قال: إذا عزل الموكل وكيله من الوكالة في غيبة من الوكيل، لأصحابنا فيه روايتان أحديهما أنه ينعزل في الحال، وإن لم يعلم الوكيل وكل تصرف يتصرف فيه الوكيل بعد ذلك يكون باطلا، وهو أحد قولي الشافعي، والثانية أنه لا ينعزل حتى يعلم الوكيل ذلك، وكل ما يتصرف فيه يكون واقعا موقعه إلى آخره.
وأنت خبير بأن هذه الرواية لم تصل إلينا ولم ينقلها أحد غيره وبذلك اعترف في المختلف أيضا حيث قال: ولم نظفر بالرواية الأخرى التي نقلها في الخلاف، ثم إنه قال في المختلف: والظاهر عدم عزل الوكيل إلا أن يعلم العزل لهذه الروايات، ولأنه لو انعزل قبل علمه كان فيه ضرر، لأنه قد يتصرف تصرفات تقع باطلة، وربما باع الجارية فيطؤها المشتري، والطعام فيأكله أو غير ذلك فيتصرف فيه المشتري ويجب ضمانه بتصرف المشتري والوكيل.
ثم قال: والقول الآخر ليس بردئ، لأن الوكالة من العقود الجائزة، فللموكل الفسخ وإن لم يعلمه الوكيل، وإلا كانت لازمة حينئذ هذا خلف، ولأن العزل رفع عقد، لا يفتقر إلى رضا صاحبه، فلا يفتقر إلى علمه كالطلاق، والعتق، وقول النهاية لا بأس به لأنه توسط بين الأقوال، انتهى.
ونسج على منواليه المحقق الأردبيلي بالنسبة إلى تعليل هذين القولين، سيما قول القواعد، وأطال المناقشة والطعن في أسانيد الأخبار حتى أنه في آخر البحث قال: والمسألة من المشكلات، لما علمت مما تقدم.
وأنت خبير بأن كل ذلك اجتهاده في مقابلة النصوص، وجرأة تامة على أهل الخصوص، سيما في الروايات المذكورة ما هو صحيح السند باصطلاحهم مع صراحة الدلالة بما لا يحوم حوله الشك، والاشكال، ولكنهم جرت عادتهم بالركون إلى هذه التعليلات العقلية، وترجيحها على الأدلة النقلية، ويتفرع