وأما في الصورة الثانية فإن جملة الصلة والموصول فيها وقعت صفة للحق، وليس فيه تعيين للمقبوض منه بوجه، بل الإذن معلق بقبض الحق الذي في ذمة زيد مثلا، فالوكيل يتبع الحق حيثما كان، وأينما كان، قال في التذكرة: لو وكله في قبض دينه من فلان فمات نظر في لفظ الموكل، فإن قال: اقبض حقي من فلان بطلت الوكالة، ولم يكن له القبض من وارثه، لأنه لم يؤمر بذلك، وإنما وكله في قبض مبدئه من المديون، وقد مات وإن قال: اقبض حقي الذي على فلان أو الذي في قبل فلان فله مطالبة وارثه، والقبض منه، لأن قبضه من الوارث قبض للحق الذي على مورثه، فإذا قبض من الوارث لم يكن قبضا من فلان، لا يقال: لو قال اقبض حقي من زيد فوكل زيد أنسانا " في الدفع إليه كان له القبض منه فكذا ينبغي أن يقبض من الوارث لأن الوارث نائب الموروث، كما أن الوكيل نائب الموكل، لأنا نقول: الوكيل إذا دفع عنه بإذنه جرى مجرى تسليمه، لأنه أقامه مقام نفسه، وليس كذلك هنا، فإن الحق انتقل إلى الورثة، فاستحقت المطالبة عليهم لا بطريق النيابة عن الوارث، ولهذا لو حلف أن لا يفعل شيئا حيث يفعل وكيله، ولا يحنث بفعل وارثه، انتهى.
فإن قيل: وصف الحق بكونه من فلان يشعر بحصر القبض فيه، لأن الصفة إذا زالت بموته لم يكن الحق المتعلق بالوارث موصوفا " بكونه في ذمة فلان، ولا يكون هو الموكل فيه.
فالجواب أن الوصف إنما يفيد الاحتراز به عن دين آخر له في ذمة شخص آخر، ولا اشعار فيه بتخصيص القبض، ومع فرض أنه لا يكون له دين آخر على غيره فالصفة هنا لمجرد التوضيح، فيكون كما لو قال بع عبدي النائم، أو الآكل أو ما شاكلهما من الأوصاف، فإن له بيعه وإن انتبه أو ترك الأكل، كذا حققه في المسالك، والله سبحانه العالم.