التأبيد الواجب في الواقف إنما هو من حيث لا يطرء عليه ما ينافيه، وهو موجود هنا فيما هو أقوى من الاسترقاق، انتهى.
وبالجملة فالمسألة لخلوها من النص محل اشكال، لما عرفت من عدم الركون إلى أمثال هذه التعليلات، في تأسيس الأحكام الشرعية، فكيف مع تعارضها، إلا أنه يمكن أن يؤيد ما ذكره شيخنا المتقدم باطلاق الأخبار الواردة في المسألة.
ومنها ما رواه في الكافي والتهذيب عن أبان بن تغلب (1) عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا قتل العبد الحر دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا حبسوه، وإن شاؤوا استرقوه يكون عبدا " لهم " وبهذا المضمون أخبار آخر هي المستند في أصل المسألة، والتقريب فيها هو أن العبد المذكور في هذه الأخبار شامل للموقوف والمطلق، فإنه بالوقفية لم يخرج عن العبودية، وقد دلت على أن الحكم في العبد القاتل عمدا " التخيير بين القتل والاسترقاق.
نعم ظاهر كلامهم يدعون الخروج عما دلت عليه هذه الأخبار بالنسبة إلى جواز اختيار الاسترقاق بالمعارضة، بأن الوقف يقتضي التأبيد ما دامت العين موجودة، فلا يجوز الاسترقاق وإلا للزم بطلان الوقف مع بقاء عينه، وغاية ما يلزم من هذه المعارضة، أنه قد تعارض هنا عموم الأخبار الدالة على جواز استرقاق العبد القاتل عمدا " أعم من أن يكون وقفا " أو طلقا "، وعموم الأخبار الدالة على أن الوقف يقتضي التأبيد ما دام الموقوف موجودا " أعم من أن يكون عبدا " قاتلا " أو غيره، وتخصيص أحد العمومين بالآخر يحتاج إلى دليل فمن أين يرجع ما أدعوه من تخصيص أحد العموم الأول بالثاني دون العكس، بل يمكن ترجيح العكس، باتفاقهم على الخروج عن العموم الثاني باختيار جواز القتل لهذه الأخبار، وهي كما دلت على ذلك دلت على جواز اختيار الاسترقاق، فالواجب تخصيص العموم الثاني بالأول، والله العالم.