الثاني أنه الموصى له، لكونه مالكا " للمنفعة مؤبدا، وهذا الوجه مما يتفرع على القول الأول من الأقوال المتقدمة، فينبغي أن يعلل وجوب النفقة على الموصى له بما علل به تقويم العين عليه، وعلل هنا زيادة على ذلك بأنه لما كان مالكا للمنفعة مؤبدا " كان كالزوج، ولأن نفعه له، فكان ضرره عليه، كالمالك لها جميعا "، ولأن اثبات لمنفعة للموصى له، والنفقة على الوارث اضرار به منفي، ورد هذا التعليل المذكور هنا بأن ملك المنفعة لا يستتبع النفقة شرعا " كالمستأجر، والقياس على الزوج باطل مع وجود الفارق، فإن الزوجة غير مملوكة، والنفقة في مقابلة التمكن من الاستمتاع، لا في مقابلة المنافع، وثبوت الضرر بايجابها على الوارث ممنوع، لانتفائه مع اليسار، وانتفائها مع عدمه.
الثالث أنه من بيت المال.
أقول: وهذا مما يتفرع على القول الثالث، حيث إنه تضمن أن الرقبة لا تقوم على الموصى له، ولا على الورثة بالتقريب المتقدم، ولهذا قالوا هنا إن الوجه في هذا الاحتمال هو أن الوارث لا نفع له، والموصى له غير مالك، وبيت المال معد للمصالح، وهذا منها.
وأورد على بأن النفقة من بيت المال مشروطة بعدم المالك المتمكن، وهو هنا موجود، ومجرد كونه لا نفع له لا يدفع الملك، ولا يرفعه والنفقة تابعة للملك كما عرفت.
ومنه تظهر قوة الوجه الأول وإن كان أصل المسألة لخلوها من النص لا يخلو من الاشكال.
قال في المسالك: واعلم أنه لا فرق بين العبد و غيره من الحيوانات المملوكة.
وأما عمارة الدار الموصى بمنافعها وسقي البستان وعمارته من حرث وغيره إذا أوصى بثماره، فإن تراضيا عليه أو تطوع أحدهما به فذلك، وليس للآخر منعه، وإن تنازعا لم يجبر أحد منهما، بخلاف نفقة الحيوان، لحرمة الروح،