التاسعة: قد صرح جمع من الأصحاب منهم الفاضلان في الشرايع والارشاد بأن الوكيل الرد بالعيب مع حضور الموكل وغيبته، وعلله في الشرايع قال:
لأنه من مصلحة العقد.
أقول: قد تقدم في عبارة التذكرة في المسألة السادسة ما يؤذن بدعوى الاجماع على أن الوكيل لا يملك الرد بالعيب، لأنه إنما وكله في الشراء وهو مغاير للرد فلا يملكه، وعلل في المسالك كلام المصنف هنا بأن الموكل قد أقامه مقام نفسه في هذا العقد، والرد بالعيب من لوازمه لأن التوكيل لما لم ينزل إلا على شراء الصحيح، فإذا ظهر العيب كان لها الرد وشراء الصحيح، ثم اعترضه فقال: ويشكل الأول بأنه إنما أقامه مقام نفسه في العقد، لا في اللوازم، إذ من جملتها القبض، والإقالة وغيرهما، وليس له مباشرتهما اجماعا، والثاني بأن مقتضاه وقوف العقد على الإجازة كما مر لا ثبوت الرد، إلى أن قال: والأجود عدم جواز الرد مطلقا، وفاقا " للتذكرة، لأن الوكالة في الشراء إنما اقتضت إدخال المبيع في ملكه، والرد يقابله ويضاده، فلا يدخل فيها، انتهى وهو جيد.
وكيف كان فإنه متى رضي به الموكل أو منعه عن الرد فإنه ليس له الرد، أما على ما اخترناه فإنك قد عرفت أن الوكيل ليس له الرد، وإنما الخيار للموكل بين الرد والامساك.
وأما على ما ذكروه هنا من أن للوكيل الرد فلأنه بمنعه عن الرد قد انعزل عن الوكالة في ذلك، كما ذكره في المسالك بناء على ذلك، حيث قال بعد قول المصنف ولو منعه الموكل لم تكن له مخالفته ما لفظه: لا شبهة في بطلان رده بالنهي المذكور، لأنه ابطال للوكالة فيما تضمنه، وعزل له فيه، وإذا جاز عزله عن الوكالة فمن بعض مقتضياتها أولى وفي حكمه إظهار الرضا بالعيب، فإنه في معنى النهي عن الرد وأراد بذلك الفرق بين الوكيل، وعامل المضاربة، حيث إنه قد سلف أن ليس للمالك منعه من الرد بالعيب، وإن رضي به مع كون العامل في معنى الوكيل، والفارق انحصار الحق هنا في الموكل واشتراكهما في العامل.