قياس منه بجامع استغناء المسجد عن المصلين كاستغناء الميت عن الكفن، ورده الأصحاب بأنه قياس مع الفارق، فإن الكفن ملك للورثة، فإن التركة تنتقل إلى الوارث بالموت وإن وجب صرفه في التكفين، فإذا زال الموجب عاد إلى ما كان عليه، بخلاف المسجد، فإنه قد خرج بالوقف عن ملك الواقف، والمسجد حقيقة إنما هي العرصة كما عرفت، وهي باقية، وأيضا " فإن القياس من الميت الذي أوجب رجوع الكفن إلى الورثة غير مسلم هنا، لجواز عمارة القرية كما عرفت، وصلاة المارة فيه، واليأس عن المسجدية غير حاصل، وما ذكر في الكفن عن العود إلى الوارث إنما يتم فما لو كان الكفن من التركة، أما لو كان من الزكاة أو الوقف أو من باذل فإنه يرجع إلى أصله، وما ذكر من الكلام هنا في المسجد يجري في الدار الموقوفة فإنه بانهدام الدار لا يخرج العرصة عن الوقف، ولا يجوز التصرف فيها ببيع ونحوه، والكلام في الفرق بين الأرض الخراجية وغيرها كما تقدم في المسجد، والله العالم.
السابعة المشهور بين الأصحاب جواز بيع الوقف إذا وقع بين الموقوف عليهم خلف، بحيث يخشى خرابه، وقد تقدم تحقيق هذه المسألة وما فيها من الكلام بما لا يحوم حوله للناظر نقض ولا ابرام في كتاب البيع (1) ولو انقلعت نخلة من أرض الوقف قال الشيخ: يجوز بيعها، لتعذر الانتفاع إلا بالبيع، وقال ابن إدريس: وتبعه أكثر المتأخرين أنه يمكن الانتفاع بهذه النخلة من غير بيعها كالإجارة للتسقيف، أو جعلها جسرا " ونحو ذلك.
قال في المختلف بعد نقل القولين المذكورين: وهذه المنازعة تجري مجرى النزاع اللفظي، لأن الشيخ فرض سلب منافعها على ما ذكره في دليله، وابن إدريس فرض لها منافع غير الثمرة، قال في المسالك بعد أن ذكر أن كلام ابن إدريس جيد، حيث يمكن الانتفاع، وإلا فكلام الشيخ جيد ما صورته: وأما ما ادعاه