مع الاطلاع عليها فهو أعجب، ومن نظر في كلامه هذا ورأي الأخبار الدالة على القول الذي اختاره، ولم ير في مقابلتها إلا هذا العليل العليل، فإنه لا يعتريه الشك في تقليده، والحزم بما ذكره، وأما الروايات التي استدل بها فقد عرفت الجواب عن جملة منها.
بقي الكلام فيما استدل به من صحيحة زرارة وروايتي الحفص والحسن بن الجهم وأمثالها مما قدمنا ذكره في المسألة، فإنه لا ريب في دلالتها على ما ذكره، إلا أنا قد قدمنا في تلك المسألة أن وجه الجمع بين هذه الأخبار وبين الأخبار التي استندنا إليها هنا في الدلالة على ما اخترناه من خروج المنجزات من الأصل، هو العمل بتلك الأخبار لأنها أخص فيخصص بها عموم هذه الأخبار واطلاقها، لأن مورد تلك الأخبار العتق مع الدين المزاحم له، فيجب العمل فيها بما دلت عليه تلك، ويجب الوقوف فيه على ما دلت عليه أخبار هذه المسألة.
وأما رواية أبي بصير التي استدل بها، فالجواب عنها ما عرفت في الجواب عن رواية علي بن عقبة، ولنا بناء على اصطلاحهم رد هذه الرواية وأمثالها من رواية علي بن عقبة وغيرهما مما ليس بصحيح باصطلاحهم بضعف الاستناد، إلزاما " لهم باصطلاحهم، فلا تقوم لهم بها حجة علينا كما لا يخفى، والله العالم.
المسألة الثانية: اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في اقرار المريض إذا مات في مرضه على أقوال: أحدها أنه ينفذ من الأصل مطلقا "، من غير فرق بين اقراره في حال مرضه، أو صحته، وهو مذهب سلار حيث قال: من كان عاقلا " يملك أمره فيما يأتي ويذر، فاقراره في مرضه كاقراره في صحته ولم يفرق بين الدين ولا العين، ولا بين الوارث ولا الأجنبي، ولا بين أن يكون المقر متهما في اقراره أو غير متهم، وهو اختيار ابن إدريس.
وثانيها أنه من الأصل أيضا " لكن بشرط عدالة المقر، وانتفاء، التهمة، لوارث كان الاقرار أو لأجنبي، ومن الثلث مع انتفاء أحد القيدين، وهو مذهب