كذلك في البطن الثاني، إذ العلة مشتركة، والتعليل بتمامية الوقف قبله معلوم فإنه يمكن أن يقال: إن تمامية الوقف مراعاة برضا البطن الثاني والثالث وهكذا فإن حصل استمر الوقف، ولا بطل، والتعليل بأن قبوله لا يتصل بالايجاب أظهر بطلانا، فإنه إنما يتم لو قام دليل على ما يدعونه من هذا الشرط، وقد عرفت أنه لا دليل عليه إن لم تكن الأدلة واضحة في خلافه، بل هي كذلك كما لا يخفى على من راجع أخبار العقود والله العالم.
المطلب الثاني في شرائط الوقف:
قالوا: وهي أربعة: الدوام والتنجيز والاقباض واخراجه عن نفسه، فهنا مسائل: الأولى: الظاهر من كلام الأكثر هو اشتراط الدوام في الوقف، وقد تقدم في أخبار وقوف الأئمة عليهم السلام ما يدل عليه، وظاهره في المسالك المناقشة في ذلك حيث ذكر أنه متنازع مشكوك فيه، واقتفاه صاحب المفاتيح في ذلك فقال: إن اشتراط التأبيد لا دليل عليه، بل الأصل والعمومات تنفيه.
أقول: لا يخفى أن العقود الشرعية الموجبة لنقل الأملاك يجب الوقوف فيها على ما رسمه صاحب الشريعة من الكيفية والشروط فعلا " أو أمرا " بذلك، والأوقاف التي صدرت منهم عليهم السلام كما قدمنا لك جملة منها، قد اشتملت على التأبيد، لقولهم حتى يرثها الله الذي يرث السماوات والأرض، وهو كناية عن دوامها إلى يوم القيامة، والخروج عنها بغير معارض سفسطة، وبه يظهر ما في تمسكه بالأصل والعموم، فإنه ناش عن الغفلة عن ملاحظة الأخبار المذكورة كما لا يخفى، وحينئذ فلو قرنه بمدة معينة كسنة مثلا أو وقف على من ينقرض غالبا " فإنه يبطل الوقف بغير خلاف.
وإنما الخلاف هنا في مواضع ثلاثة: الأول فيما لو قرنه بمدة معنية، فإنه هل يصح أن يكون حبسا " فلا يبطل بالكلية أم لا؟ قولان: وبالثاني منهما صرح المحقق في الشرايع، لأن شرط الوقف الدوام، فيبطل، لعدم حصول الشرط،