فأقول: التحقيق عندي وإن أباه ألف بالقواعد الأصولية أنا متى رجعنا في الأحكام الشرعية إلى الأدلة العقلية التي لا تقف على حد ولا ساحل، ولو طويت لها المراحل، ولهذا كثرت في هذه المسألة الأبحاث، وصنفت فيها الرسائل، أو تصادمت فيها من الطرفين الدلائل واضطربت فيها أفهام الأفاضل اشكال الأمر، أي اشكال وصار الداء عضالا " وأي عضال، والحق أن الأحكام الشرعية توقيفية من الشارع لا مسرح للعقول فيها، ولو كان لهذه المسألة أصل مع عموم البلوى بها لخرج عنهم عليهم السلام ما يدل عليها أو يشير إليها، وحيث لم يخرج عنهم عليهم السلام فيها شئ سقط التكليف بها، إذ لا تكليف إلا بعد البيان ولا مؤاخذة إلا بعد إقامة الحجة والبرهان، وهذا يرجع في التحقيق إلى ما قدمنا ذكره في غير موضع من كتب العبادات، وبه صرح الأمين الاسترآبادي من الاستدلال بالبراءة الأصلية، والعمل بها فيما يعم به البلوى من الأحكام، هذا مع أن القول بذلك موجب للحرج والضيق المنفيين بالآية والرواية، والاجماع، فإن لا يخفى أنه لا يكاد أحد من المكلفين فارغ الذمة من واجب من الواجبات البدنية أو المالية، واللازم على هذا القول الذي ذكروه بطلان عباداتهم وصلواتهم في غير ضيق الوقت، وبطلان نوافلهم ومستحباتهم، وعدم الترخص في أسفارهم ولزوم الإثم والمؤاخذة في جملة أفعالهم من أكل وشرب ونوم ونكاح، ومغدا " ومجيئ، ونحو ذلك ولأن الغرض أنهم منهيون عن هذه الأضداد الخاصة، والنهي حقيقة في التحريم، فأي حرج وضيق أعظم من ذلك.
ومن أظهر ما يدل على عدم التكليف بهذه التي لم يرد فيها حكم بنفي ولا اثبات، قول مولانا الصادق عليه السلام في رواية إسحاق بن عمار (1) أن عليا عليه السلام كان يقول: أبهموا ما أبهم الله ".
وما رواه الشيخ المفيد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام " قال: قال