من باب العقود كلفظ وكلتك ونحوه، وإنما اشتملت على مجرد الإذن والأمر الذي هو عندهم أيضا " من باب الإباحة.
وبذلك يظهر لك أن الأظهر والأقوى بالنظر إلى مراجعة الأخبار والعمل بما دلت عليه هو أنه بعزله نفسه علم المالك أو لم يعلم لا تبطل الوكالة، لبقاء الإذن المفهوم من تلك الأوامر التي اشتملت عليها الأخبار ما لم يعزله المالك، ويصرح بعزله.
وبالجملة فإني لم أقف على دليل من النصوص يدل على البطلان بعزله نفسه، غير ما يدعونه من الاجماع، ومقتضى النصوص المذكورة وعموم أدلة الوكالة هو البقاء على مقتضاها، حتى يثبت المخرج من ذلك، والمانع منه، وليس الأعزل الموكل ونحوه مما سيأتي، وأما عزله نفسه وكونه مبطلا لها فلم أقف فيه على نص، ومجرد كونها من العقود الجائزة لا يوجب ما ذكروه من بطلانها بعزله نفسه، وأنه فسخ لها، بل غاية ما يوجبه أنه لا يلزمه شرعا " ولا يجب القيام بذلك، كما هو مقتضى العقود اللازمة، بل إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، وعدم مشية الفعل في وقت عزله نفسه ورده لها، لا يوجب منعه من الرجوع متى أراد، إلا أن يعزله الموكل.
قال في المسالك في بيان تطبيق ما قدمنا نقله عنهم من الاحتمال الدال على جواز التصرف على ما ذكروه في أصل المسألة، من بطلان الوكالة وعدم جواز التصرف ما لفظه: ويمكن الجميع بين كونها عقدا " جائزا " تبطل بالرد، وعدم بطلان التصرف بالرد، بأن يحكم ببطلان الوكالة الخاصة وما يترتب عليها من الجعل لو كان، وبقاء الإذن العام.
أقول: لا يخفى ما فيه من التكلف البعيد، بل التحمل الغير السديد، أما أولا فبما أشرنا إليه آنفا " من أنه لا منافاة بين كونها عقدا " جائزا " وبين كونها صحيحة مع الرد، وعزله نفسه، لأن جوازها ليس إلا بمعنى عدم وجوب القيام