وقد أسقطه فلا جهة لاستمراره، ودوام الوصية يؤكدها، انتهى.
أقول: قوله " والفرق بين إجازة الوارث إلى آخره " كأنه جواب سؤال مقدر من جانب ابن إدريس، وما استدل به، وتقريره أنه في تلك الحال التي أوصى الموصى وهي حال حياته كما أنه لا يصح فيها رد الورثة للوصية، فكذا لا تصح فيها إجازتهم، فأجاب بالفرق المذكور بين الرد في تلك الحال والإجازة، فإن الوصية مستمرة ببقاء الموصى عليها، والاستمرار يجري مجرى تعددها حالا " فحالا فلو فرض الرد في أثناء هذه، فإن ما بعده في حكم تجدد عقد آخر من حيث اقتضاء الاستمرار ذلك، فلا تأثير للرد حينئذ في تلك الحال، بخلاف الرد بعد الموت، لانقطاع الاستمرار بالموت فيؤثر، وبخلاف الإجازة حال الحياة، لأن الإجازة حق له، وقد أسقطه فلا وجه لاستمراره، وأنت خبير بأن الأصل في ذلك النص، وهذه تصلح وجوها " له كما تقدم، والله العالم.
الثالث: المفهوم من كلام الأصحاب (رضي الله عنهم) من غير خلاف يعرف أن إجازة الوارث للوصية بما زاد عن الثلث بعد الموت تنفيذ، لما أوصى به الموصي، لا بابتداء عطية من الوراث، باعتبار انتقال الحق إليه بالموت، أما قبل الموت فلا اشكال في ذلك، لأن الوارث لا يملك، فلا يمكن احتمال العطية منه، وإنما محل الكلام بعد الموت، لما عرفت من انتقال الحق إلى الوارث بالموت، والأصحاب كما ذكرنا، على أنه تنفيذ لا عطية، قال في المسالك وهو مذهب الأصحاب، لا يتحقق فيه خلاف بينهم، وإنما يذكر الآخر وجها أو احتمالا، إنما هو قول العامة والمرجح عندهم ما اخترناه أيضا، انتهى.
وعلل القول المشهور بأن الملك باق على المريض لم يخرج عنه بمرضه، فيصح فيه لمصادفته الملك، وحق الوارث إنما يثبت في ثاني الحال فأشبه بيع شقص الشفيع وإرث الخيار، حيث تترتب عليه إجازة المبيع، فإنه لا يكون ابتداء بيع، بل تنفيذ لما فعل سابقا "، وأيضا فإن الوارث ليس بمالك، وثبوت حق