وفي نفوذ الاستيلاد الخلاف في استيلاد الراهن، لتعلق حق الموقوف عليه وأولى بالمنع هنا، والله العالم.
المقصد الثاني في الصدقة:.
قد عرفت مما قدمنا في سابق هذا المطلب أن الصدقة في الصدر الأول إنما تطلق بمعنى الوقف، ولهذا إن الأصحاب (رضي الله عنهم) قد استندوا في كثير من أحكام الوقف إلى الأخبار الواردة بلفظ الصدقة كما تقدم ذكره، وحينئذ فالصدقة في الأخبار أعم من هذا المعنى المبحوث عنه من الوقف، وقد يوجد فيها من القرائن ما يتعين به أحدهما، وقد لا يوجد فيبقى محتملا " لكل من الأمرين كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى في البين.
وقد ذكر الأصحاب بأنه لا بد في الصدقة من العقد المشتمل على الإيجاب والقبول، كما يعتبر في غيرها من العقود اللازمة.
أقول: إذا أريد بالقبول هو القبول القولي ففي فهمه من الأخبار اشكال، لعدم ما يدل عليه فيها، وإن أريد الفعلي فهو المفهوم منها خاصة كما لا يخفى على المتدبر، وستمر بك شطر منها إن شاء الله تعالى.
ومن شروطها القبض، لكن بإذن المالك عند الأصحاب، فلو قبضها بغير إذنه لم ينتقل إليه، قالوا: لأن القبض المترتب عليه أثره، هو المأذون فيه شرعا " والمنهي عنه غير منظور إليه، ونحوها غيرها من العقود المفتقرة إلى القبض، كالوقف والهبة.
ومن شروطها أيضا " القربة، والظاهر أنه اجماعي، وعليه تدل جملة من الأخبار الآتية إن شاء الله تعالى، حتى إذا حصل القبض بعد العقد المشتمل على التقرب بها امتنع الرجوع فيها على الأشهر الأظهر، ونقل عن الشيخ أنه قال: إن صدقة التطوع عندنا بمنزلة الهبة في جميع الأحكام، ومن شروطها الإيجاب والقبول