هو المشهور في كلامهم، بل ظاهرهم الاتفاق عليه، إلا أنه لم يقم عليه دليل تركن النفس إليه، بل ربما ظهر من الأخبار خلافه، فإنه قد جعلوا أيضا " من جملة الواجبات فيه بناء على كونها عقدا " القبول، مع أنا لم نقف فيه على دليل، بل ربما دل الدليل على خلافه، وقد تقدم الكلام في ذلك في جملة من مسائل المقصد الأول، وغاية ما يستفاد من الأخبار أن الوصية بالنسبة إلى الموصى له لا يخرج عن العطية، وبالنسبة إلى الوصاية لا يخرج عن الإذن والاستنابة، ولا عقد هنا بالكلية.
فمما يدل على ما قلناه في الوصاية ما تقدم في المسألة الثانية من خبر علي بن يقطين (1) في " رجل أوصى إلى امرأة وأشرك في الوصية معها صبيا " فقال عليه السلام:
يجوز ذلك، وتمضي المرأة الوصية، ولا تنتظر بلوغ الصبي " الخبر فإنه لا يدل على أزيد من أن الرجل أمر المرأة بأن تنفذ ما عينه لها فيه، واستنابها، وضم إليها الصبي المذكور، وأي عقد هنا يفهم من هذا الكلام أو قبول لفظي كما اعتبروه في المقام، ونحو ذلك صحيحة الصفار المذكورة (2) ثمة في " رجل أوصى إلى ولده وفيهم كبار وصغار أيجوز للكبار أن ينفذوا وصيته، ويقضوا دينه، قبل أن يدرك الأوصياء الصغار؟ فوقع عليه السلام: نعم " الخبر: فإن المتبادر من هذا الكلام أن الموصي استناب أولاده، وأمرهم وأذن لهم في تنفيذ هذه الوصايا بأن قال:
افعلوا كذا وكذا، فوجب عليهم بعد موته القيام بذلك، وأي دلالة لهذا الكلام على عقد في المقام، وعلى هذا النهج جملة الأخبار، كما لا يخفى على من جاس خلال الديار، فإن سموا مثل هذا الأمر والإذن والاستنابة عقدا " فلا مشاحة في التسمية، ولكن ما ذكروه من ترتب أحكام العقود عليه ممنوع، وإلا لجرى ذلك في كل من أمر شخصا " بأمر، وأذن له في فعل.
وبالجملة فإنك عرفت في المباحث السابقة أن ما يدعونه من العقد في كثير من تلك المواضع لا يخلو من الاشكال أيضا ".