ومنها ما رواه الشيخان المتقدمان عن السكوني (1) عن أبي جعفر عليه السلام ورواه الصدوق والشيخ أيضا " عن عبيد بن زرارة (2) " عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل تصدق على ولد له قد أدركوا فقال: إذا لم يقبضوا حتى يموت فهو ميراث، فإن تصدق على من لم يدرك من ولده فهو جائز، لأن والده هو الذي يلي أمرهم، وقال عليه السلام:
لا يرجع في الصدقة إذا تصدق بها ابتغاء وجه الله عز وجل ".
أقول: وهذا الخبر أيضا " محتمل للحمل على المعنيين المتقدمين، ولهذا إن الأصحاب قد استدلوا به على اشتراط القبض في الوقف، وأنه مع عدم القبض يبطل ويرجع ميراثا "، واللازم من ذلك اشتراط القربة في الوقف كما صرح به في آخر الخبر، مع أن المشهور بينهم عدمه، ومن ثم ناقشهم في الاستدلال به صاحب المسالك، كما تقدم في مقصد الوقف، والظاهر هو الاشتراط في الموضعين، والمراد من الجواز في قوله " فهو جائز " يعني واقع صحيح.
ومنها ما روياه عن الحكم بن أبي عقيلة (3) " قال: تصدق علي أبي بدار وقبضتها ثم ولد له بعد ذلك أولاد فأراد أن يأخذها مني ويتصدق بها عليهم، فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فأخبرته بالقصة فقال: لا تعطها إياه، قلت: فإنه إذا " يخاصمني قال: فخاصمه ولا ترفع صوتك على صوته ".
وما رواه في الفقيه عن موسى بن بكر عن الحكم (4) " قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن والدي تصدق علي بدار ثم بدا له أن يرجع فيها، وأن قضاتنا يقضون لي بها فقال: نعم ما قضت به قضاتكم ولبئس ما صنع والدك إنما الصدقة لله عز وجل، فما جعل لله فلا رجعة فيه له، وإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه