ومنها جعل مناط الفرق المذكور العدالة ومنها تعميم الحكم للأجنبي بكونه من الأصل، وتقييد ذلك في الوارث بعدم التهمة.
وقد ذكر جمع من الأصحاب (رضي الله عنهم) أن المراد بالتهمة هنا الظن المستند إلى القرائن الحالية والمقالية الدالة على أن المقر لم يقصد باقراره الأخبار عن حق متقدم، وإنما المراد تخصيص المقر له بما أقر به، وحرمان الوارث من حقه أو بعضه، والتبرع به للغير، فلذلك جرى مجرى الوصية في الخروج من الثلث خاصة.
والظاهر أن المراد من العدالة في كلامهم هو ما أشار إليه في صحيحة منصور، وموثقة أبي أيوب بقوله مرضيا "، أي يعتمد على قوله، ولا يظن به التهمة وقصد حرمان الورثة باقراره، وهو المراد أيضا " من قوله عليه السلام في رواية العلا بياع السابري " إن كانت مأمونة ".
وبالجملة فإنه لما كان الميت ليس له من ماله بعد الموت إلا الثلث خاصة، وما زاد فهو للوارث، منع من تصرفه فيه بالوصية ونحوها، وحينئذ فإذا اعترف بالدين الذي مخرجه من حيث هو من الأصل لتعلقه بالذمة من حيث احتمال اعترافه للصحة والبطلان، وجب التفصيل فيه بما دلت عليه هذه الأخبار، من أنه إذا كان مرضيا " مأمونا "، له ديانة وورع يحجزه عن مخالفة الحدود الشرعية والأوامر الإلهية، وجب العمل بظاهر اعترافه، وأخرج من الأصل، وإلا فإنما يخرج من الثلث.
وبهذا فيظهر ما في كلام جملة من الأصحاب من أن الاقرار إنما يكون من الثلث مع ظهور التهمة، ومع الشك والجهل بالحال يرجع فيه إلى أصالة عدمها، فيجب الخروج من الأصل، فإنه خلاف ظاهر الأخبار المذكورة حيث إنها صريحة في كون الاخراج من الأصل مشروطا " بكون المقر مرضيا مأمونا ومقتضاه