ومنها الجهاد قال في المبسوط: وأما الجهاد فلا تصح النيابة فيه على حال، لأن كل من حضر الصف توجه فرض القتال إليه، وكيلا " كان أو موكلا "، وقد روى أنه تدخله النيابة، قال في المختلف بعد نقل ذلك عنه: والمعتمد دخول النيابة فيه، ولذا يصح الاستيجار عليه، وهذا اختيار ابن البراج، انتهى.
أقول: ما نقله الشيخ من وجود الرواية بالنيابة لا تحضرني الآن، فإن ثبت فلا معدل عن القول بها، وبه يزول الاشكال، ويضعف ما ذهب إليه، وما استدل به العلامة قوي أيضا " إن ثبت صحة الاستيجار عليه، كما ادعاه.
ومنها وكالة الرجل لزوجته في طلاق نفسهما منه، قال في المبسوط:
وأما المرأة فإنها تتوكل لزوجها في طلاق نفسها عند الفقهاء وفيه خلاف بين أصحابنا، والأظهر أنه لا يصح، وتبعه ابن إدريس قال في المختلف: والوجه عندي الجواز، لنا أنه فعل تدخله النيابة صدر من أهله في محله، فكان واقعا "، عملا " بالأصل، ولا يخفى أن ما استدل به، لا يخرج عن المصادرة، وأنه عين المدعى، وأما التمسك بأصالة الصحة فهو أيضا " لا يخلو من الاشكال.
ومنها توكيل الكافر في تزويج المسلمة، منع عنه في المبسوط، وجوزه ابن إدريس، واختار في المختلف ما ذهب إليه الشيخ، واستدل عليه بأنه نوع سلطنة، وثبوت ولاية وسبيل على المسلم، فلا يصح لقوله تعالى (1) " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ".
أقول: لا يخفى ما في هذا الاستدلال من الوهن، ثم قال: احتج بالأصل والجواب المنع من التمسك به مع قيام منافيه.
ومنها من وكل غيره في طلاق زوجته وهو حاضر، فذهب الشيخ وجماعة منهم ابن البراج وأبو الصلاح إلى عدم جواز ذلك، وذهب ابن إدريس ومن تأخر عنه إلى الجواز، وسيأتي تحقيق المسألة في محلها إن شاء الله تعالى.