أن هذا الوصي المدعي له شريك في التصرف والتنفيذ، وهو الوصي الآخر، فلا يجوز له التصرف بدونه، وجواز التصرف للوصي الآخر يدفع إليه ما ادعاه موقوف على الاثبات شرعا "، لأنه ليس له أن يمكنه بمجرد دعواه، كغيره ممن يدعي على الميت، مالا "، بل يجب عليه طلب البينة منه واليمين، كما هو المقرر في الدعوى على الميت، ولا يكفي هنا مجرد الثبوت في الواقع، كما في تلك المسألة، لأن ذلك مخصوص بما إذا لم يطلع عليه أحد سواه، فإنه يجوز له الأخذ مقاصة، وعلى هذا فالحكم المذكور مختص بمورد الرواية، وهو وجود وصيين، ودعوى أحدهما ليمكن توجيه الفرق بين المسألتين.
وأما على ما ادعاه الشيخ من فرض المسألة في الوصي، وإن كان واحدا " وادعى دينا " على الموصي، فإن الظاهر هنا ما ذهب إليه ابن إدريس، لأن هذا الفرد أحد أفراد تلك القاعدة التي تكاثرت بها الأخبار، وقد تقدم تحقيق الكلام فيها في صدر الفصل الأول في البيع من كتاب التجارة (1) وبذلك يظهر أيضا " ما في فتوى المحقق، بتوقف جواز أخذ الوصي واستيفاء حقه على الاثبات إن وجدت البينة، فإنه إن كان هذا مذهبه في تلك المسألة كما هو أحد القولين فيها فلا اشكال، وإن كان مذهبه ثمة، كما هو المشهور من جواز الأخذ مقاصة وإن أمكن الاثبات، فإنه لا معنى لهذا الاشتراط هنا، مع كون هذه المسألة أحد أفراد تلك القاعدة.
وبالجملة الوقوف على مورد الرواية من وجود وصيين، أحدهما يدعي المال كما ذكرناه، فإنه أخص من تلك المسألة، وأما لو كان الوصي متحدا " فإنه من جملة أفراد تلك المسألة، يحكم فيها ما يحكم في تلك المسألة من جواز الأخذ مقاصة، كما هو الأشهر الأظهر، وعلله في المسالك بأن الغرض كونه وصيا " في اثبات الديون، فيقوم مقام الموصي في ذلك، والغرض من البينة والاثبات