" ما خانك الأمين، ولكن ائتمنت الخائن "، بمعنى أنه متى حصلت الخيانة من المدفوع إليه فالتقصير إنما هو منك، حيث لم تثبت في الفحص عن حال المدفوع إليه، وكونه أمينا " وإلا فمتى ثبت عندك أمانته والوثوق به، فإنه لا يحصل منه خيانة، والائتمان بهذا المعنى مشترك بين جميع الأمناء ودعيا " كان أو وكيلا " أو مستعيرا " أو مرتهنا ".
وبه يظهر الفرق الذي ذكروه بين هذه الأفراد باعتبار مصلحة تعود على الأمين ولا يقبل قوله، وعدمها فيقبل ليس بموجه، نعم قد استثنى بعض المواضع في مسألة الإعارة من هذه القاعدة، فيقتصر فيه على مورد النص، وهذا هو الظاهر عندي من الأخبار المشار إليها، وإن كان كلامهم على ما عرفت من الاختلاف والاضطراب في جميع هذه الأبواب، والله سبحانه العالم.
الثانية: يجب على الوكيل تسليم ما في يده إلى الموكل مع المطالبة وعدم العذر، بل يجب على كل من في يده مال لغيره، أو في ذمته ذلك، فلو امتنع والحال كذلك ضمن، إلا أن له الامتناع حتى يشهد صاحب الحق له بالقبض.
وتفصيل هذا الاجمال يقع في مواضع الأول: لا ريب في وجوب الدفع مع الطلب وامكان الدفع، وأنه لو امتنع والحال هذه ضمن، قالوا: وليس المراد به القدرة العقلية، بحيث يذهل فيها فعل ما يمكنه فعله من المبادرة، وإن كان على خلاف العادة، بل يرجع ذلك إلى العرف شرعا "، ثم إلى العرف العام، ويعذر بما عد عذرا " فيهما، وإن كان مقدورا " كاكمال الصلاة عند الطلب في أثنائها، وإن كانت نقلا "، والتشاغل بها عند ضيق الوقت وإن كان الطلب قبل الشروع فيها عذر شرعي، والفراغ من الحمام وأكل الطعام ونحو ذلك من الأعذار العرفية، كذا صرح به في التذكرة، مع أنه في باب الوديعة من الكتاب المذكور حكم بأنه لا يعذر في ردها مع الطلب إلا بتعذر الوصول إلى الوديعة، واكمال الصلاة الفرض دون النفل، وغيره من الأعذار العرفية فضيق الأمر في الوديعة،