قيمتها خمسون في المثال المذكور، وإنما الخلاف في المنفعة المؤبدة، وقد اختلفوا فيها على أقوال ثلاثة، والسبب في هذا الاختلاف مع عدم النص خلو العين من المنافع عند بعض، فالوصية بمنافعها في قوة الوصية بها، وثبوتها عند بعض كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى بيانه، وقد نقل هذه الأقوال الثلاثة الشيخ في المبسوط ومن تأخر عنه، والظاهر أنها كلها للعامة.
أحدها أن تقوم العين بمنافعها ويخرج مجموع القيمة من الثلث، فإن خرجت من الثلث لزمت الوصية في منفعتها، وإن لم تخرج من الثلث وضاق الثلث عنها لزمت الوصية في القدر الذي يخرج منه، فيكون للموصى له من العبد بقدر ما يخرج من الثلث، والباقي للورثة.
احتج من قال بهذا القول: بأن استحقاق المنفعة على التأبيد بمنزلة اتلاف الرقبة، لأن الغرض من الأعيان إنما هو المنافع، فيجب أن تقوم الرقبة، ولأن تقويم المنفعة متعذر لأنه غير معلومة، ولا محدودة لأن مدة العمر غير معلومة فلا يمكن تقويمها إلا بتقويم العين، وبالجملة فإنها لسلب جميع منافعها قد خرجت عن التقويم، فقد فات على الورثة جميع القيمة، فكانت العين هي الغاية.
وثانيها تقويم المنفعة من الثلث على الموصى له، والرقبة على الورثة، وإن كانت مسلوبة المنافع، ومرجعه إلى أن المعتبر ما بين قيمتها بمنافعها أو قيمتها مسلوبة المنافع، وعلى هذا تحسب قيمة الرقبة عن التركة.
احتج القائل بهذا القول بأن الرقبة تنتقل إلى الورثة كما تنتقل المنفعة إلى الموصى له، فوجب أن يقوم على من انتقلت إليه، وبأن الوارث يقدر على الانتفاع بها بالعتق لو كان مملوكا، وبيعها عن الموصى له أو مطلقا، وهبتها، والوصية بها، فلا وجه لاحتسابها على الموصى له كما ادعاه القائل الأول، ويمكن الانتفاع من البستان بما ينكسر من جذوعه وييبس، ومن الدار بآلاتها إذا خربت وخرجت عن صلاحية السكنى، ولم يعمرها الموصى له بمنفعتها، فحينئذ