بقي الكلام في أن الرواية دلت على إنه المعتق بعد اعطاء الزائد النسمة والمفهوم من كلام الأصحاب عدم التقييد بذلك، وأنه لا فرق في دفع الزائد إلى النسمة بين كونه قبل العتق أو بعده، والله العالم.
ومنها أنه لو أعتق رقبة بظن أنها مؤمنة، ثم بانت بخلاف ذلك، قالوا:
أجزأت عن الموصى له، وعلله في المسالك بأنه متعبد في ذلك بالظاهر، لا بما في نفس الأمر، إذ لا يطلع على السرائر إلا الله، فقد امتثل الأمر، وهو يقتضي الاجزاء، انتهى وهو جيد.
أقول: ويدل عليه أيضا ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله تعالى مراقدهم) عن عمار بن مروان (1) عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال فيه " قلت: وأوصى بنسمة مؤمنة عارفة فلما أعتقناه بأن لنا أنه لغير رشدة، فقال: فقد أجزأت عنه " وزاد في الكافي الفقيه " إنما ذلك مثل رجل اشترى أضحية على أنها سمينة فوجدها مهزولة، فقد أجزأت "، والمراد بقوله " لغير رشدة " يعني ولد الزنا وفي الخبر إشارة واضحة إلى عدم ايمان ولد الزنا كما هو حق عندي في المسألة، وقد تقدم تحقيق القول فيه في كتاب الطهارة.
المقصد الخامس في الموصى له:
وفيه مسائل: الأولى: الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أنه يشترط في الموصى إليه الوجود حال الوصية لميت بطلت، وكذا لو أوصى لمن يظن وجوده، ثم تبين أنه قد مات حال الوصية، قالوا، والوجه في ذلك أن الوصية لما كانت عبارة عن تمليك عين أو منفعة كما تقدم من تعريفها بذلك، فلا بد من أن يكون الموصى له قابلا " للتمليك، ليتحقق مقتضاها، فلا تصح الوصية للميت ولا لما تحمله المرأة، ولا لمن علم موته حين الوصية، للعلة المذكورة.