وأما ما ذكره الشيخ مما قدمنا نقله فإنه استشكل فيه جملة ممن تأخر عنه، منهم العلامة في المختلف وشيخنا في المسالك بأن فيه أولا " إن ما شرطه من عدالة الموصي غير معتبر في الوصية مطلقا، وإنما يعتبرها بعض الأصحاب في الاقرار على بعض الوجوه على ما فيه.
وثانيا أن نفوذها من الأصل على تقدير العدالة، ومن الثلث على تقدير عدمها، فإنه أيضا ليس من جملة أحكام الوصية بل أحكام إقرار المريض على بعض الوجوه، وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكره عند ذكر المسألتين.
وثالثا " تعميمه الحكم في هذه الأشياء من الصندوق والسفينة والجراب مع أن الرواية التي هي منشأ حكمه إنما موردها السفينة، وهي رواية خالد بن عقبة كما عرفت، بروايته في الكافي، والتعدية إلى غيرها مع المخالفة للأصل بعيد.
وقال المحدث الكاشاني في الوافي ذيل هذه الرواية، " يعني بالتهمة " أن يظن به إرادته الاضرار بالورثة، وأن لا يبقى لهم شئ، وقوله وللورثة شئ عطف على " هي للذي " ويحتمل أن يكون معناه ولم يبق لهم شئ من تتمة الاستثناء وفي نسخ الفقيه " إلا أن يكون صاحبها استثنى مما فيها "، وعلى هذا فلا يحتمل قوله " وليس للورثة شئ " إلا معناه الظاهر، وعلى معناه الظاهر تحمل الوصية على الاقرار، لعدم صحتها مشدودا كان أم لا.
ونقل عن الشيخ المفيد أنه قيد الصندوق بكونه مقفلا "، والجراب بكونه مشدودا، والنصوص كما عرفت مطلقة هذا، وظاهر الأخبار المتقدمة وبه صرح بعض الأصحاب كون ذلك الموصى به معينا، فلو أن مطلقا كما لو قال أعطوه سيفا " أو سفينة أو صندوقا "، فإنه لا يتناول إلا ما دل عليه اللفظ، وهذا في السفينة والصندوق ظاهر حيث إن ما فيها لا يدخل في مدلول اللفظ، وأما في السيف فاشكال لما تقدم نقله عن المسالك، من حيث دلالة العرف على تبعية الجفن والحلية ودخولهما في اطلاق السيف، فيدخل حينئذ سواء كان معينا أو مطلقا ولا يخلو من قوة.