" الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها " (1).
وخصوص رواية إسماعيل بن الفضل (2) " قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتصدق ببعض ماله في حياته في كل وجه من وجوه الخير؟ وقال: إن احتجت إلى شئ من مالي أو من غلة فأنا أحق به أله ذلك وقد جعله لله؟ وكيف يكون حاله إذا هلك الرجل أيرجع ميراثا " أم يمضي صدقته؟ قال: يرجع ميراثا " على أهله ".
هكذا نقله في المسالك، قال: والمراد بالصدقة في الرواية الوقف لقرينة الباقي، ولأن الوقف تمليك المنافع، فجاز شرط الخيار فيه كالإجارة، انتهى.
وعندي أن هذا الاستدلال لا يخلو من تطرق الاشكال، أما الاجماع فمعلوم مما سبق في غير مقام، ولا سيما مع مقابلته هنا بالاجماع الذي ادعاه ابن إدريس، واجماعات المرتضى (رضي الله عنه) فيما انفرد به من الأقوال كثيرة، وبه يظهر ضعف الاستناد إليه في جميع الأحكام كما تقدم تحقيقه، وأما عموم " أوفوا بالعقود " " والمؤمنون عند شروطهم " ففيه أنه لا ريب أن العقد كما يطلق على الصحيح، يطلق على الفاسد، وكذلك الشرط، فيقال: عقد صحيح، وعقد فاسد، وشرط صحيح وشرط فاسد، ولا جائز أن يأمر الشارع بالوفاء بالعقد الفاسد، ولا بالشرط الفاسد، فالأمر بالوفاء بالعقد والشرط إنما يتوجه إلى العقد الصحيح، والشرط الصحيح، ودعوى كون ذلك صحيحا " هنا محل النزاع كما ذكرنا، فلا يتم الاستدلال.
وبذلك يظهر أن الاستدلال بهذين الدليلين لا يخرج عن المصادرة، وأما حديث العسكري عليه السلام فقد قدمنا سابقا " أنه لا يجوز الاستدلال به على اطلاقه، لتناوله للوقوف الباطلة اتفاقا كالوقف على نفسه، أو على عبد أو حمل أو نحو ذلك