وروى في الكافي عن علي بن فرقد (1) صاحب السابري " قال: أوصى إلى رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكفي للحج، فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة فقالوا: تصدق بها عنه، فلما حججت لقيت عبد الله بن الحسن في الطواف، فسألته وقلت له: إن رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات وأوصى بتركته إلي، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت من قبلنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها، فتصدقت بها، فما تقول؟ فقال لي: هذا جعفر بن محمد في الحجر فأته واسأله، قال: فدخلت في الحجر فإذا أبو عبد الله عليه السلام تحت الميزاب، مقبل بوجهه على البيت يدعو، ثم التفت إلي فرآني فقال: ما حاجتك؟ قلت: جعلت فداك إني رجل من أهل الكوفة من مواليكم قال: فدع ذا عنك، حاجتك؟ قلت: رجل مات وأوصى بتركته أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج، فسألت من عندنا من الفقهاء قالوا: تصدق بها، فقال: ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها فقال: ضمنت إلا أن يكون لا يبلغ أن يحج به من مكة، فإن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان، وإن كان يبلغ به من مكة فأنت ضامن.
أقول: يستفاد من هذا الخبر فوائد: منها ضمان الوصي مع التبديل والعمل بخلاف الوصية إذا كانت الوصية على وجه المشروع، وهو مما لا اشكال فيه، ومنها أنه مع تعذر العمل بالوصية وصرفها فيما أوصى به الموصي، يصرف الموصى به في وجوه البر كما هو المشهور، ولا تبطل الوصية كما هو القول الآخر.
وقد تقدم الكلام في ذلك في التيمم الذي ذكر في الوصايا المبهمة من المقصد الثالث في الموصى به في تقدم نقل مضمون هذه الرواية دليلا على ذلك، ومنها ما تقدمت الإشارة إليه قريبا، من أنه متى أوصى بوجه للحج، ولم يقيد