أن احتمال تعلقها ببيت المال أو الكسب إنما هو بناء على القول بالانتقال إلى الله، وإلا فعلى القول بالبقاء على ملك الواقف، فالمناسب هو كون ذلك على الواقف، للتعليل المتقدم، ثم إنه على تقدير القول بتعلقها بكسبه فلو لم يكن كسوبا " قال في المسالك: اتجه تعلق الجناية برقبته، وجواز بيعه كما يقتل في العمد، والبيع أدون من القتل.
أقول: قد تقدم في كلام العلامة احتمال التعلق بالرقبة، وجواز البيع مطلقا "، ومن هنا أورد الشهيد (رحمة الله عليه) في شرح الإرشاد، وعلى عبارة الشيخ المتقدم الدالة على تعذر استيفاء الجناية من رقبته، لعدم صحة بيعه، بأن هذا إنما يتم لو لم يكن على منحصر، وكان المنحصر موسرا "، وقد تلخص من ذلك احتمال التعلق بالرقبة مطلقا " ومع العجز عن الكسب، ومع كون الموقوف عليه منحصرا " معسرا "، هذا حاصل كلامهم في المقام، والمسألة محل توقف واشكال، والله العالم.
الثالث لو جنى عليه فإن كانت جناية توجب القصاص كأن يقتله عبد مثله، فظاهر كلامهم تفريع ذلك على الخلاف المتقدم، فإن قلنا بأن الملك ينتقل إلى الموقوف عليه، فإنه يصير القصاص إليه كما لو كان المقتول عبده، ولو قلنا بانتقاله إلى الله تعالى مطلقا " أو على التفصيل المتقدم، فإنه يكون ذلك إلى الحاكم الشرعي، لأنه ولي هذه المصالح المتعلقة به سبحانه، ولو قلنا ببقائه على ملك الواقف كان حق القصاص إليه، وقد عرفت فيما تقدم أن الأصح هو التفصيل، بأنه إن كان الموقوف عليه منحصرا "، فإنه للموقف عليه، وإن كان على جهة عامة أو مصلحة عامة فإنه لله سبحانه، وعلى هذا يترتب القصاص هنا، فيقال: بكونه للموقوف عليه على الأول والحاكم على الثاني، وأما إذا أوجب القتل الدية كأن يقتل خطأ أو أخذت صلحا " أو يكون القاتل حرا "، أو فيه شئ من الحرية، أو أوجبت الجناية أرشا " كقطع يده مثلا "، ملخصه أن تكون الجناية موجبة للمال، فهل يكون ذلك