سلمه ولزم الوقف، وإن شاء لم يسلمه فيبطل الوقوف، على أنه لو صح ما احتمله بالنسبة إلى البطن الثاني لجرى أيضا " فيما بعده.
وبالجملة فإن الانتقال إلى البطن الثاني فرع صحة الوقف ولزومه بالنسبة إلى البطن الأول، وإلا لصح الوقف لو وقف أولا " على من لا يصح الوقف عليه ثم على غيره ممن يصح، وهم لا يقولون به، ثم إنه يجب أن يعلم أن القبض المعتبر هنا هو القبض المتقدم تحقيقه في كتاب البيع.
وتمام تحقيق الكلام في المقام يتوقف على بيان أمور: الأول: الظاهر أنه لا خلاف ولا اشكال في أن قبض الولي لمن هو ولي عليه كقبضه وإن كان الواقف الولي، كما لو وقف على أولاده الأصاغر، فإن قبضه قبل الوقف كاف في قبضه لهم بعده، وعليه تدل صحيحة صفوان المتقدمة، وكذا رواية عبيد بن زرارة، ومثلهما روايات أخر أيضا " ولا يجب تجديد النية والقصد في كونه قبضا " عن المولى عليه، لعدم الدليل عليه، واطلاق النصوص يقتضي العدم، واحتمل بعضهم اعتبار قصده قبضا " عن المولى عليه بعد العقد، لأن القصد هو الفارق بين القبض السابق الذي كان على جهة الملك، واللاحق الذي للموقوف عليه.
واطلاق النصوص المذكورة يرده، إلا أن ظاهر صحيحة صفوان ربما أشعر به، لقوله " وإن كانوا صغارا " وقد شرط ولايتها لهم حتى يبلغوا فيحوزها لهم " فإن الظاهر أن المراد قصد ولايتها لهم إلى أن يبلغوا، فلا بد حينئذ من تجديد النية، على أن التحقيق أن التجديد أمر أبدي لا ينفك عنه الواقف كذلك بحسب الطبيعة والجبلة، لأن من كان له ملك وأزال ذلك الملك عن نفسه بنقله إلى غيره ممن له الولاية عليه، دانه لا بد من تغير قصده، ونيته في وضع اليد عليه من أنه بالملك في الأول، وبالولاية في الثاني، فاختلاف القصد بين الحال الأولى والثانية أمر جبلي طبيعي كما لا يخفى، والظاهر كما استظهره جملة من الأصحاب أن ما كان في يد الولي بطريق الوديعة أو العارية، ووقفه صاحبه على المولى عليه