وللثالث بما ذكره العلامة في المختلف، ونفى عنه البأس حيث قال: ولا بأس بقول ابن زهرة، لانتقال الوقف من الواقف، وزوال ملكه عنه، والعجب أن هذه الحجة التي احتج بها لابن زهرة ترجع إلى ما استدل به على القول الثاني، وهو في المختلف قد أجاب عن ذلك بالمنع من كون الوقف مطلقا " ناقلا " بل المؤبد، قال: ونمنع من كون الموقوف عليه مالكا إلا مع التأبيد وما أجاب به عن ذلك الدليل لازم له في رد دليله المذكور.
وبذلك يظهر لك ما في القولين الآخرين من القصور، وأن الظاهر هو القول المشهور، إلا أن كلامهم هنا غير خال من الاجمال، بل تطرق الاشكال، لما عرفت من أنه هذا الخلاف متفرع على القول بصحة الوقف كما هو المشهور والذي هو أحد الأقوال الثلاثة في المسألة المتقدمة في الموضع الثاني، وإلا فعلى القول بكونه حبسا " فإنه يرجع إلى الواقف أو ورثته بغير خلاف ولا اشكال، وعلى القول بالبطلان فالأمر أظهر مع أنك قد عرفت فيما تقدم أن هذا القول وإن كان هو المشهور إلا أن ذكرهم التأبيد في شروط الوقف كما صرح به من وقفت على كلامه منهم عدا المفيد في المقنعة لا يجامع القول بصحة الوقف في الصورة المذكورة، لأن الوقف هنا منقطع غير مؤبد والوقف الصحيح إنما هو المؤبد.
نعم بناء على ما اخترناه في المسألة الأولى من كونه حبسا " يتجه القول برجوع ذلك إلى ورثة الواقف، ويصير الخلاف في هذه المسألة ساقطا " لا معنى له، وهذا غاية ما تدل عليه الصحيحة المنقولة عن العسكري عليه السلام (1) من " أن الوقوف على حسب ما يقفها أهلها " والمراد فيها بالوقف ما هو أعم من الوقف المبحوث عنه والتحبيس، فهو إن مؤبدا " وقف، وإن كان مقطعا " تحبيس، وأما قول ابن زهرة وقد روي أنه يرجع إلى ورثة الواقف، وكذا قول الشيخ في المبسوط في هذه المسألة، وقال قوم: يرجع إليه إن كان حيا " وإلى ورثته إن كان ميتا