من هذه الجهة موجبة لبطلان ففي الموضعين، وإلا فلا فيهما، اللهم إلا أن يكون مبني كلامه على الفرق بين ما إذا لم يعين للسكنى مدة بالكلية، فإنه يصح، وبين ما إذا عين مدة غير مضبوطة كقدوم الحاج، وادراك الغلة، فإنه يبطل، والعمرى إنما هي من قبيل الثاني، لأنه ذكر العمر ولم يعنيه بعمر أحد، فهو كما لو ذكر المدة ولم يشخصها بمدة معينة، يشير إليه قوله كما لو عين مدة غير مضبوطة إلا أن فيه أن الظاهر من قوله عليه السلام في الخبرين المشار إليهما ولم يوقت ما هو أعم من الأمرين المذكورين لأن المراد لم يوقت لذلك وقتا " معينا " وهو أعم من أن لا يوقت بالكلية، أو وقت ولكنه غير معين، والمراد بالسكنى المطلقة التي تكون صحيحة غير لازمة هو هذا المعنى، فإن الوقت الغير المعين يرجع إلى عدم التوقيت بالكلية، إذ لا ثمرة ترتب عليه، والله العالم.
السابع: المشهور بين الأصحاب أنه لا تبطل السكنى والعمرى والرقبى بالبيع، وعليه يدل الخبر الخامس، إلا أن مورده السكنى والعمرى، وقد عرفت أن الرقبى لا وجود لها في الأخبار، ونقل في الدروس قولا ببطلان البيع، واضطرب كلام العلامة هنا، ففي الإرشاد قطع بجواز البيع، وفي التحرير استقرب عدمه، لجهالة وقت انتفاع المشتري، وفي القواعد والمختلف استشكل الحكم، وفي التذكرة أفتى بالجواز للرواية، ثم استشكل بعد ذلك.
قال في المسالك: ومنشأ المنع أو الاشكال أن الغرض المقصود من البيع هو المنفعة، ولهذا لا يجوز بيع ما لا منفعة فيه، وزمان استحقاق المنفعة في العمرى مجهول.
أقول: لا يخفى ما في هذا التعليل العليل من الوهن والقصور، فإن ما ذكره لو تم لاقتضى عدم جواز بيع ما آجره المالك لأن منفعته ملك للمستأجر ضمن مدة الإجارة، والبيع إنما وقعت على ما مسلوب المنفعة تلك المدة، مع أن النصوص المتقدمة في كتاب الإجارة دالة على جواز البيع، وعدم ابطال الإجارة