وظاهرة كما ترى، النهي عن نكاحها الذي هو حقيقة في التحريم، وليس ذلك إلا من حيث إفادة قول الثقة العلم، كالشاهدين، والتأويل بالحمل على الكراهة يحتاج إلى المعارض، وهو منتف، والمعاضد له موجود، ومن ذلك ما تقدم في كتاب الوكالة من صحيح هشام بن سالم (1) " عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال فيه " أن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا "، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة "، والأصحاب قد صرحوا بأنه لا ينعزل الوكيل إلا مع العلم بالعزل، والخبر ظاهر أن أخبار الثقة كالمشافهة للعزل في إفادة العلم بالعزل، ومن ذلك حملة من الأخبار الدالة على جواز وطئ الأمة المشتراة بغير استبراء إذا كان البايع عدلا قد أخبر بالاستبراء (2)، ويؤيده الأخبار الدالة على الاعتماد على أذان الثقة في دخول الوقت (3) إلى غير ذلك من المواضع التي تقف عليها المتتبع البصير، ولا ينبئك مثل خبير.
ثم إنهم ذكروا أن الرجوع في الوصية ونحوها من العقود الجائزة قد يكون بالفعل وبالقول، إما صريحا " أو استلزاما " أو باعتبار اشعاره بإرادة الرجوع، فهذه أقسام أربعة:
أحدها القول الصريح، كقوله رجعت في الوصية الفلانية، أو نقضتها أو فسختها، أو لا تعطوها ما أوصيت به، أو يقول هو " يعني الموصى به " لفلان، أو لوارثي، أو من جملة ميراثي.
وثانيها بيع العين التي أوصى بها، واللازم من البيع نقل العين إلى المشتري، ويمتنع مع ذلك بقاء الوصية، وكذا عتق المملوك، وكتابته، فإن مقتضاهما قطع السلطنة عن المملوك التي من جملته الوصية به، وكذا الهبة