والمراد من هذا القول الارتقاء بالقرابة بالأدنى إلى ما قبله، وهكذا إلى أبعد جد وجدة له في الاسلام، وفروعهما، ويحكم للجميع بالقرابة، ولا يرتقي إلى آباء الشرك وإن عرفوا بقرابته، وربما استدل على التخصيص بالاسلام والانقطاع بالكفر بقوله (صلى الله عليه وآله) (1) " قطع الاسلام أرحام الجاهلية "، وقوله عز وجل لنوح في حق ابنه (2) " إنه ليس من أهلك " ولا دلالة في ذلك على مطلوب الشيخ، لأن قطع الرحم للجاهلية لا يدل على قطع القرابة مطلقا "، مع أصناف الكفار، وكذا قطع الأهلية في ابن نوح، والعرف واللغة يشهدان بأن من بعد جدا " كالأجداد البعيدة لا يدخل في القرابة، وإن كان مسلما "، ومن قرب جدا " دخل وإن كان كافرا " إلا أن تدل القرينة على إرادة المسلم.
ولم أقف في هذا المقام على شئ من الأخبار إلا على ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر (3) " قال: نسخت من كتاب بخط أبي الحسن عليه السلام رجل أصيب لقرابته بألف درهم وله قرابة من قبل أبيه وأمه ما حد القرابة يعطى من كان بينه وبينه قرابة؟ أو لها حد ينتهى إليه رأيك فدتك نفسي؟
فكتب عليه السلام: إن لم يسم أعطاها قرابته "، وهذا لجواب وإن كان لا يخلو من نوع اجمال، إلا أن الظاهر أن المعنى فيه أنه لم يسم شخصا " بعينه ولا صنفا " بعينه، فإنه يعطى من شملته القرابة عرفا "، وفيه تأييد للمعنى المشهور حينئذ.
وأما ما ذهب إليه ابن الجنيد فقيل عليه إن ما ذكره من عدم تجاوز الرابع غير لازم، وفعل النبي (صلى الله عليه وآله) بالخمس ذلك، لا يدل على نفي القرابة مطلقا " عما عداه ذلك: فإن ذلك معنى آخر للقربى، فلا يلزم ذلك في حق غيره، حيث يطلق.
وكيف كان فإنه يدخل فيه الذكر والأنثى، والقير والغني، والوارث