قال في المسالك: قال العلماء الصدقة الجارية الوقف، وهو تعريف ببعض الخواص، وكيف كان فاللفظ الصريح في عقده وقفت، لأنه الموضوع له لغة وشرعا " وقد صرح جملة من الأصحاب بأن أوقفت بالهمزة لغة شاذة فيه، قال في المسالك والظاهر أن الصيغة بها صحيحة، وإن كانت غير فصيحة، وأما غير هذا اللفظ من الألفاظ مثل حبست، وسبلت فقيل: أنه يصير وقفا " من غير توقف على القرينة، للحديث النبوي (صلى الله عليه وآله وسلم) المتقدم. وقيل لا يكون إلا مع القرينة.
وأما أبدت وحرمت وتصدقت فلا يحمل على ذلك إلا مع القرينة، كقيد التأبيد، ونفي البيع، والهبة والإرث ونحوها ، والوجه في ذلك أن الوقف لما كان من العقود الناقلة للملك على وجه اللزوم افتقر إلى اللفظ الصريح الدال على ذلك، وهذه الألفاظ لما كانت مشتركة بين هذا المعنى وغيره، ولم تكن صريحة فيه امتنع الحكم بدلالتها على ذلك، فإنه يصح اطلاقها على التمليك المحض واخراج الزكاة والصدقات المطلقة، والهبات ونحوها، فلا بد في الحكم بالوقف فيها من ضم قرينة تدل على إرادة ذلك، كقوله صدقة موقوفة، أو دائمة أو مؤبدة وأن لا تباع، ولا توهب، ونحو ذلك.
وقد ظهر مما ذكرناه أن الألفاظ المعبر بها في عقد الوقف منها ما هو صريح فيه، لا يتوقف على قرينة اجماعا " وهو لفظ وقفت.
ومنها ما هو متوقف على القرينة اجماعا " كحرمت وتصدقت وأبدت.
ومنها ما هو مختلف فيه كحبست وسبلت، فذهب جمع منهم العلامة في التذكرة والقواعد إلى أنهما صريحان، كوقفت، ومثلهما أحبست بزيادة الهمزة بغير اشكال، نظرا " إلى الاستعمال العرفي، لهما فيه مجردين، كما ورد في الخبر النبوي (صلى الله عليه وآله) المتقدم فإنه أطلق عليه تحبيس الأصل، ورد بأن مجرد الاستعمال أعم من المطلوب، والظاهر وجود القرينة في هذا الاستعمال ومعها لا اشكال فيه.