والعسر: فيخص بعض ولده مع اليسر دون العسر، مع أن اطلاق الأخبار المتقدمة يقتضي عدم الفرق، وأنت خبير بأنهما لا يبلغان قوة المعارضة لما قدمناه من الأخبار الصحيحة الصريحة في الجواز مطلقا.
وأما وصفه في المسالك لرواية أبي بصير (1) بالصحة فهو خلاف المعهود منه ومن غيره من أرباب هذا الاصطلاح حيث إن أبا بصير مشترك، ولا قرينة تدل على الثقة منهما، والآخر الضرير إنما يعدون خبره في الضعيف، على أن الظاهر أن رواية سماعة لا منافاة فيها، وذلك فإن ظاهرهما إنما هو السؤال من عطية الوالد لولده، وإن كان واحدا " وليس فيها تعرض للتفضيل الذي هو البحث بوجه، فأجاب عليه السلام بأنه في حال الصحة جائز، لأنه ماله يصنع فيه ما أراد، وأما في حال المرض فلا، والمنع من ذلك في حال المرض مطلقا " لا قائل به، ولا يوافق مقتضى القواعد الشرعية، فلا بد على أن يكون المنع باعتبار كونه من الأصل، فالنهي إنما يتوجه إلى كونه من الأصل.
وحاصل معنى الخبر أنه في حال الصحة مخرج العطية من الأصل، وفي حال المرض من الثلث، لا من الأصل، كما في حال الصحة وهذه مسألة أخرى لا تعلق لها بما نحن فيه.
نعم خبر أبي بصير ظاهر في التفضيل لقوله " يخص بعض ولده "، والظاهر حمله على ما ذكروه من كراهية التخصيص مع الاعسار، لأنه متى خصه وهو معسر فقد حرم الباقين من الميراث، إذ لا شئ يرثونه.
أما مع يسره وحصول قسط لكل من الباقين من الميراث، فإنه لا يحصل عليهم بتلك الهبة نقص زائد كما في صورة العسر الذي لا شئ بالكلية، وعلى هذا فيخص الأخبار المتقدمة بهذا الخبر: بمعنى أن التفضيل جائز مطلقا من غير كراهية، إلا في صورة اعسار الواهب الموجب لحرمان باقي الأولاد من الميراث، وهو جمع حسن بين الأخبار والله العالم.