وفيما آجره لغيره قبل الهبة.
أما الوديعة فإنهم صرحوا بأنه لا يخرج بها عن يد المالك، لأن يد المستودع كيده، قالوا: وفي العارية وجهان: أجودهما ما خروجه بها عن يده، فيفتقر إلى قبض جديد من الولي أو من يوكله فيه، ولو وكل المستعير كفى.
وثانيها أنه هل يعتبر قصد القبض عن الطفل بعد الهبة ليتمحض القبض لها، الظاهر تفريع ذلك على ما تقدم في التنبيه الثالث، فعلى ما ذكره العلامة (رحمة الله عليه) من أن مطلق القبض صالح للهبة وغيرها فلا بد من مايز، وهو القصد للهبة يأتي أن هنا كذلك، لأن المال المقبوض بيد الولي، فلا ينصرف إلى الطفل إلا بصارف وهو القصد، وعلى ما ذكره في المسالك وهو الأظهر كما تقدمت الإشارة إليه من الاكتفاء بعدم قصد القبض لغيره يكفي هنا، وينصرف الاطلاق إلى قبض الهبة وتلزم الهبة بذلك.
وثالثها إن المشهور في كلام الأصحاب اختصاص هذا الحكم بالولد الصغير، وأما لو كان بالغا " رشيدا " ذكرا " وأنثى فإنه لا بد من قبضه، وعليه تدل الأخبار.
وقال ابن الجنيد في كتابه الأحمدي: وهبة الأب لولده الصغار وبناته الذين لم يخرجوا عن حجابه، وإن كن بالغات تامة، وإن لم يخرجها عن يده، لأن قبضه قبض لهم، انتهى.
والحاقه البنات في الحجاب بالأولاد الصغار، قياس محض، وقياسه على النكاح ممنوع مع وجود الفارق، وبالجملة فهو قول نادر لا يعبأ به.
ورابعها أنه لو كان الواهب للصغير غير الأب والجد له، فإنه لا خلاف في أنه لا بد من القبض عنه، ويتولى ذلك الأب أو الجد أو الوصي أو الحاكم أو من يعينه، وإنما الخلاف في أنه للصغير ولي شرعي غير الأب، والجد كالوصي فهل يتولى القبض له؟ أم يرجع الأمر إلى الحاكم؟ الذي صرح به الشيخ في المبسوط وتبعه عليه جمع منهم المحقق في الشرايع الثاني، فإنهم ألحقوا الوصي هنا بغير