والخروج عنه على خلافها، فتأمله بعين البصيرة، وتناوله بيد غير قصيرة ليظهر لك ما في الزوايا من الخبايا، وكم ترك الأول للآخر كما هو المثل السائر، وبذلك يظهر أنه لا إثم على الأخذ في الصورتين المذكورتين كما ظنه (قدس سره)، والله العالم.
المطلب الخامس في شرائط الموقوف عليه:
ويشترط فيه أن يكون موجودا وله أهلية التملك، أو تابعا لموجود كذلك، وأمكن وجوده عادة، وكان قابلا للوقف.
فهنا مسائل: الأولى: الظاهر أنه لا خلاف بين بطلان الوقف على المعدوم ابتداء، ولم أقف على نص في المقام، إلا أنه يمكن أن يقال: مضافا إلى ظاهر الاتفاق أن الوقف نقل للمنفعة البتة أو العين على أحد الأقوال إلى الموقوف عليه، والمعدوم لا يصلح لذلك.
قالوا: وفي معناه الحمل أيضا، لأنه وإن كان موجودا إلا أنه غير صالح للتملك ما دام حملا، فإن قيل: إنه تصح الوصية له، وهو نوع تمليك فالجواب الفرق بين الأمرين، فإن الوقف تمليك في الحال، فلا بد من قابلية الموقوف عليه للتملك، والوصية تمليك في المستقبل، فالتملك فيها مراعا بوضعه حيا، فلو مات قبل خروجه حيا بطلت، ولم يرثها وارثه، بخلاف ما لو خرج حيا ولو لحظة ثم مات، فإنها يكون ميراثا.
نعم لو ذكر المعدوم تبعا للموجود كما لو وقف على أولاده الموجودين، ومن سيوجد منهم صح بلا خلاف يعرف، وكذا لو وقف على أولاده ومن سيتجدد منهم، وهكذا، أما لو كان التابع ممن لا يمكن وجوده، كالميت أو لا يقبل الملك كالعبد بطل فيما يخصه، ولو ذكر المعدوم أولا ثم الموجود كان منقطع الأول، وكذا نفسه أو الميت أو العبد ثم بعده الموجود، وقد تقدم الكلام، في ذلك في المسألة الرابعة