اشتراط عدم ظهور فسقه.
وأما اشتراط ظهور عدالته فقد عرفت أن الاحتياط حيث إن المسألة غير منصوصة يقتضيه.
بقي هنا شئ وهو أنه على تقدير اشتراطها ابتداء هل يشترط استدامتها بمعنى أنه لو نصب عدلا " ثم ظهر فسقه بطلت وصايته أم لا؟ المشهور الأول، وكذا على القول بعدم اشتراطها لو أوصى إلى العدل، ثم ظهر فسقه بعد موت الموصي، فإن المشهور بطلان وصايته، ووجوب عزله، والوجه في ذلك، أما على اشتراطها ابتداء فظاهر، لفوات الشرط، وأما على عدم الاشتراط فلأن الظاهر أن الباعث له على اختيار العدل مع جواز الوصية إلى غيره، كما هو مقتضى القول المذكور إنما هو عدالته، والوثوق بأمانته، فإذا خرج عن حد العدالة فات الباعث، وخرج عن الاستيمان، إذا الظاهر أنه لو كان حيا " لاستبدل به، كذا احتج به في المختلف، وذهب ابن إدريس إلى صحة الوصية، وعدم بطلانها بذلك، قال بعد أن نقل عن الشيخ في المبسوط أنه لو تغيرت حاله الوصي لفسق أخرجت الوصية من يده، لأن الفاسق لا يكون أمينا " ما لفظه: هذا الكتاب معظمه فروع المخالفين، في كلام الشافعي وتخريجاته، ولم يورد أصحابنا في ذلك شيئا "، لا رواية ولا تصنيفا "، والأصل صحة الوصية إليه، والاعتماد عليه مع قوله تعالى (1) " فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه " وعزله عن الوصية واخراجه منها تبديل وتغيير بلا خلاف.
أقول: لا ريب أن الشيخ هنا إنما حكم بالبطلان، بناء على مذهبه في المسألة من اشتراط العدالة ابتداء كما هو المشهور، وهو من القائلين بذلك، كما تقدم نقله عنه في المبسوط، وحينئذ فرد ابن إدريس وحكمه بالصحة يعطي مخالفته في هذه الصورة أيضا، وأما في صورة ما اختاره ابن إدريس من عدم اشتراط العدالة ابتداء فهو بطريق أولى.