المورد الثاني: قد صرح الأصحاب (رضي الله عنهم) بأنه يقتصر في جواز المسابقة على النصل والخف والحافر وقوفا " على مورد الشرع، وأنه يدخل تحت النصل السهم والنشاب والحراب والسيف، وأن الخف يتناول الإبل والفيلة اعتبارا " باللفظ وأنه لا تجوز المسابقة بالطيور ولا على القدم، ولا بالسفن ولا المصارعة.
أقول: وتحقيق الكلام فيما ذكروه يقع في مقامات: أحدها أن ظاهر قولهم أنه يقتصر على هذه الثلاثة وقوفا " على مورد الشرع هو أن هذه المعاملة على خلاف الأصل، بمعنى القواعد الشرعية، لاشتمالها على اللهو واللعب والقمار في بعض الوجوه، وهذه الأشياء مما نهت منها الشريعة المحمدية، فالأصل أن لا يصح منها إلا ما ورد الشرع بالإذن فيه، وهو كلام حق، إلا أنك قد عرفت أن ما قدمناه من الأخبار قد اشتمل على زيادة الريش والمراد به الحمام، فيجوز المسابقة بها أيضا "، وعليه يدل الخبر الخامس والسادس والسابع (1)، فهذه الأخبار الثلاثة كلها دالة على جواز المسابقة بالحمام، والثلاثة التي خصوا الجواز بها لم ترد إلا في الخبر الحادي عشر (2) خاصة، والعجب هنا من قول شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد قول المصنف أنه لا يجوز المسابقة بالطيور إلى آخر ما قدمنا ذكره، وجه المنع من هذه الأمور الحصر بالمستفاد من الخبر السابق المقتضي لنفي مشروعية ما عدا الثلاثة، والنهي عنه الشامل لهذه الأمور وغيرها انتهى.
وعلى هذا النهج كلام غيره وظاهرهم الاتفاق على الحصر في الثلاثة المذكورة، وأن غيرها غير منصوص في الأخبار، وحملهم على عدم الوقوف على شئ من هذه الأخبار من الصدر السابق منهم كالشيخ الذي هو أول من صرح بهذا الحكم إلى أن وصلت النوبة إلى هؤلاء المتأخرين لا يخلو من بعد، وأبعد منه أنهم يقفون عليها ولا يقولون بها، ولا يتعرضون للجواب عنها بوجه من الوجوه.